منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، لجأت أوكرانيا إلى ابتكارات تكنولوجية غير متماثلة وفعّالة من حيث التكلفة لموازنة تفوق روسيا العسكري التقليدي. وتأتي في مقدمة هذه الابتكارات الزوارق السطحية غير المأهولة (USVs)، التي غيّرت طبيعة الاشتباكات البحرية في البحر الأسود، مما أتاح لأوكرانيا تقويض القوة البحرية لأسطول البحر الأسود الروسي (BSF) جزئياً في ظل التهديدات المستمرة من الصواريخ والهجمات الجوية.
لقد أدى الدمج السريع للزوارق البحرية المُسيرة ضمن العقيدة العسكرية الأوكرانية إلى زيادة دقة ومدى قدرة كييف على توجيه الضربات، ومنح قواتها فرصة قتالية ضد خصم متفوق عدديًا وأكثر قوة من الناحية النظرية. وهذا يُبرز الدور التحويلي الذي من المُتوقع أن تلعبه المنصات غير المأهولة في الحروب البحرية الحديثة [1]. ومع ذلك، فبينما تتمتع الزوارق السطحية غير المأهولة بالقدرة على تعظيم القوة القتالية لقوة بحرية ذات حجم أصغر أو أقل موارد، فإن فعاليتها تعتمد في نهاية المطاف على تكاملها مع عقائد عملياتية متماسكة، وأنظمة قيادة وسيطرة قوية، ودعم لوجستي واستخباراتي مُستدام.
بناء أسطول من الزوارق السطحية غير المأهولة
اعتمدت أوكرانيا بشكل أساسي على أنظمة محلية الصنع في بناء أسطولها من زوارق السطح غير المأهولة. ومن بين هذه الأنظمة، يُعد كل من "سي بيبي" ونظام "ماغورا" الآلي غير المأهول للحراسة البحرية الذاتية (MAGURA) أبرز وأهم زوارق السطح غير المأهولة.
طُوّر زورق "سي بيبي" غير المأهول من قِبل جهاز الأمن الأوكراني (SSU)، المعروف بالاختصار الأوكراني "SBU". يبلغ طول “سي بيبي” 6 أمتار ومزود بمحركين داخليين بقوة 200 حصان لكل محرك، ما يمكّنه من بلوغ سرعة قصوى تصل إلى 90 كم/س (49 عقدة)، وبسعة حمولة تبلغ 850 كغم من المتفجرات، ومدى عملياتي يصل إلى 1000 كيلومتر. بهيكل منخفض الارتفاع، صُمم هذا الزورق بالأساس لتنفيذ مهمات انتحارية دقيقة ضد أهداف ثابتة مثل السفن الراسية في الموانئ والمنشأت الحيوية [2]. استخدم جهاز الأمن الأوكراني أيضًا أنواعًا مختلفة من الزوارق غير المأهولة، على سبيل المثال، تزويدها بخزانات وقود خارجية إضافية لعمليات بعيدة المدى باتجاه واحد (ذهاب بلا عودة)، وألغام الأعماق لحرب الغواصات، بالإضافة إلى صواريخ أو محطة أسلحة تعمل عن بُعد للحرب السطحية والجوية. تسعى منصة جمع التبرعات الرسمية في أوكرانيا "يونايتد24” جاهدة لجمع التبرعات لدعم شراء أسطول من 35 زورق سطحي غير مأهول، بقيمة تقارب 221 ألف دولار أمريكي لكل زورق[3].
من ناحية أخرى، يُعد طراز "ماغورا" الآلي غير المأهول للحراسة البحرية الذاتية Magura V متعدد الأغراض ثمرة جهود مديرية الاستخبارات الرئيسية في أوكرانيا (HUR)، والتي تعمل بشكل أساسي من خلال المجموعة 13، وهي وحدة متخصصة في عمليات الزوارق السطحية غير المأهولة [4]، حيث تُصنع الزوارق السطحية غير المأهولة من قبل شركة SpetsTechnoExport الأوكرانية المملوكة للدولة، والتي تُعدُّ جزءًا من عملاق الصناعة الدفاعية Ukroboronprom [5]، ويُعد طراز Magura V5، وهو النموذج الأكثر شيوعًا في عائلة "ماغورا"، وهو زورق غير مأهول بطول 5.5 متر، ويبلغ مداه العملياتي 830 كم، وبسرعة قصوى تبلغ 78 كم/ساعة (42 عقدة)، وحمولة تبلغ 320 كغم. وعلى عكس “سي بيبي”، صُمم طراز Magura V للتصدي للأهداف المتحركة، وخاصة السفن الحربية في البحر. ومع ذلك، طُوّرت أيضًا تجهيزات إضافية للزورق غير المأهول لأداء مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) بالإضافة إلى العمليات القتالية [6]. في الآونة الأخيرة، أدخلت أوكرانيا أيضًا زورقMagura V7، وهو نسخة مطورة تتميز بهيكل أطول ومقدمة أعيد تصميمها لتحسين أداء الثبات في البحر [7]. لذلك، يتميز الزورق Magura V-type بكونه زورق سطحي متعددة الأدوار، قادرة على تنفيذ مجموعة واسعة من مهام الأمن البحري، بدءًا من مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) وصولًا إلى عمليات البحث والإنقاذ والمهام القتالية.
المخطط الزمني للهجمات
كان أول استخدام مُسجَّل للزوارق السطحية غير المأهولة في القتال من قِبل أوكرانيا ضد القوات الروسية في 29 أكتوبر 2022، في هجوم متعدد الجوانب على قاعدة سيفاستوبول البحرية في شبه جزيرة القرم [8]. تاريخيًا، لعب ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم دورًا استراتيجيًا في الموقف البحري الإقليمي لموسكو، حيث تمركز جزءاً كبيراً من أسطول البحر الأسود التابع للبحرية الروسية هناك. [9] تضمنت العملية مزيجاً من الطائرات المسيّرة والزوارق السطحية غير المأهولة، التي استُخدمت في مهام “انتحارية” أو “ذهاب بلا عودة”. وبحسب التقارير، ألحق الهجوم أضراراً محدودة بفرقاطة الأدميرال ماكاروف من فئة أدميرال غريغوروفيتش، وكاسحة الألغام إيفان غولوبتس من فئة ناتيا، إلا أنه لم يتسبب في إغراق أي سفينة حربية روسية [10]. يمكن أن يُعزى نجاح الهجوم الأوكراني على سيفاستوبول في أكتوبر 2022 إلى ثلاثة عوامل رئيسية مُجتمعة. أولاً، استخدام أوكرانيا لأسلوب الهجوم بالأسراب– من خلال نشر عدة زوارق سطحية غير مأهولة في وقت واحد – الأمر الذي يؤدي إلى تشبع القدرة الدفاعية، وإجبار المستجيبين الروس على تصنيف التهديدات تحت ضغط زمني مكثف. ثانياً، أسهم دمج زوارق السطح غير المأهولة والطائرات المسيرة في تنفيذ هجوم متعدد المجالات في استغلال الثغرات الدفاعية عبر تشتيت انتباه أجهزة الاستشعار وأنظمة السيطرة على النيران بين المركبات الجوية والبحرية. ثالثًا، الخصائص المادية للزوارق — انخفاض المقطع العرضي للرادار وانخفاض إمكانية رصدها — خفّضت من قابليتها للكشف، مما جعل توظيفها المستدام ممكنًا وذو ميزة تكتيكية/تعبوية.
على الرغم من أن البحرية الروسية لم تتضرر كثيراً بعد العملية، إلا أن هجوم أكتوبر 2022 كان له آثار دائمة على الاستراتيجية البحرية الإقليمية لروسيا. أولاً، أثار الهجوم تساؤلات حول قدرة أسطول البحر الأسود على ترجمة تفوقه العسكري النظري إلى أفعال عملية، مما أجبر البحرية الروسية على تقليص نشاطها خارج الميناء وتبني أسلوب دفاعي أكثر [11]. ثانيًا، دفع الهجوم موسكو إلى تقليل اعتمادها على سيفاستوبول كقاعدة رئيسية للأنشطة البحرية في المنطقة، ونقل السفن البحرية إلى منشآت عسكرية على مسافة أبعد في شرق شبه جزيرة القرم وجنوب روسيا [12]. في نهاية المطاف، أجبر روسيا على الاعتراف بالثغرات الكامنة في أسطولها ومنشآتها العسكرية، مما دفعها إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الأنظمة الدفاعية لسفنها الحربية وتلك التي بالقرب من منشأتها البحرية. على الرغم من أن روسيا سرعت في نشر أنظمة دفاعية متعددة الطبقات لصد الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية [13]، يُظهر النجاح المتواصل لهجمات الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية مدى الصعوبات التي تواجهها موسكو في إيجاد وسائل مضادة فعالة. ففي منتصف يوليو 2023، نفذت الزوارق السطحية غي المأهولة الأوكرانية هجوماً ناجحاً على جسر كيرتش في أقصى شرق شبه جزيرة القرم. وقد ألحقت الغارة البحرية أضرارًا إنشائية جسيمة بالجسر، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور بشكل كبير [14]، حيث يربط جسر كيرتش البر الرئيسي الروسي مباشرةً بشبه جزيرة القرم، ويلعب دورًا حاسمًا في الإمدادات العسكرية الروسية، إذ يُعدّ خط الإمداد الرئيسي لمراكز القيادة وأنظمة الدفاع الجوي والقوات المتمركزة في شبه جزيرة القرم[15]. يُظهر الاستهداف الناجح للجسر، والذي يقع على مسافة 320 ميلاً بحرياً تقريباً من الساحل الخاضع للسيطرة الأوكرانية، مدى فعالية قدرة زوارق السطح غير المأهولة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى.
على الرغم من وجود بدائل لإعادة توجيه حركة المرور البرية والسكك الحديدية عبر طرق برّية على طول ساحل بحر آزوف وعبّارات عبور، فإن هذه الخيارات تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا بسبب قربها من خطوط المواجهة وزيادة الهجمات الأوكرانية على سفن الإمداد. ونظراً لدوره الحيوي في الحفاظ على الأمن اللوجستي للقوات الروسية في القرم، فقد تعرّض جسر كيرتش لهجمات متعددة من قبل أوكرانيا، حيث شنت كييف أول هجوم على الجسر في أكتوبر 2022 باستخدام شاحنة محمّلة بالمتفجرات[16]. ومؤخراً، في أوائل يونيو 2025، نفذت أوكرانيا هجوماً بواسطة غواصة استهدفت الدعامات تحت الماء للجسر[17].
في 10 نوفمبر 2023، أغرقت زوارق السطح غير المأهولة الأوكرانية (USVs) سفينتين إنزال روسيتين، إحداهما من طراز 1176 Akula والأخرى من طراز 11770 Serna، بينما كانتا راسيتين في القاعدة البحرية الروسية في تشيرنومورسكوي [18]، حيث تقع تشيرنومورسكوي في غرب شبه جزيرة القرم، على بعد حوالي 110 أميال من السواحل الخاضعة لسيطرة أوكرانيا، وهي منشأة متوسطة الحجم تضم بشكل رئيسي سفنًا حربية صغيرة من طراز كورفيت وسفن النقل. يكمن السبب وراء اختيار أوكرانيا لضرب منشأة ثانوية ضمن شبكة القواعد العسكرية الروسية في أمرين. أولاً، توجيه رسالة مفادها أن أي منشأة روسية، بغض النظر عن حجمها أو دورها، تمثل هدفًا محتملاً. ثانيًا، يهدف الى تعطيل أنشطة الإمداد الروسية اللازمة لدعم العمليات القتالية، ولا سيما أن سفن الإنزال تؤدي دورًا رئيسيًا في نقل العمليات البرمائية وإعادة التزويد والإمداد بالقوات والمعدات العسكرية والذخائر، إضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي.
بعد هذه العمليات الناجحة خلال العامين الأولين من الصراع، زادت كثافة حملة الزوارق السطحية غير المأهولة بشكل ملحوظ في مطلع عام 2024. ففي الأول من فبراير، شنّت مجموعة من الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية من طراز Magura V5 هجومًا منسقًا على السفينة Ivanovets، وهي طراز كورفيت صاروخي من فئة Tarantul كانت متمركزة بالقرب من بحيرة دونوزلاف في غرب شبه جزيرة القرم، وقد تعرضت السفينة الحربية لعدة إصابات مباشرة من زوارق مسيرة مفخخة بالمتفجرات، مما أدى إلى غرقها في النهاية[19].
بعد أسبوعين، واجهت سفينة الإنزال Cesar Kunikov من فئة Ropucha المصير نفسه، إذ تعرّضت لهجوم شنّته مجموعة صغيرة من الزوارق السطحية غير المأهولة من طراز Magura V5 أثناء قيامها بنقل شحنة عسكرية بين القاعدتين البحريتين الروسيتين في نوفوروسيسك وسيفاستوبول [20]. كانت سفينة النقل البرمائية Cesar Kunikov من فئة التحميل المباشر (المصممة لنقل مركبات مدولبة أو مجنزرة ذاتية الحركة) وبسعة حمولة إجمالية تبلغ 450 طنًا وبمساحة تحميل تصل إلى 630 مترًا مربعًا من سطح الشحن، متخصصة في عمليات الإنزال على الشواطئ، حيث شكّل فقدانها ضربة قاسية أخرى لآلة الإمداد العسكري الروسية التي كانت قد ضعفت بالفعل بخسارة ثلاث سفن أخرى من الفئة نفسها خلال الأشهر السابقة[21].
بينما أكّد غرق السفينتين "Ivanovets" وCesar Kunikov”" مدى فتك الزوارق السطحية غير المأهولة ضد السفن الحربية الكبيرة، أثبتت زوارق السطح غير المأهولة الأوكرانية أيضًا كفاءتها بشكل خاص ضد السفن الأصغر حجمًا، كما تبيّن من خلال تدمير زوارق دورية من فئة "مانغوست" في مايو 2024 وزورق قطر /سحب من فئة "ساتورن" في يونيو 2024[22].
بينما كانت تُستخدم سابقًا بشكل رئيسي في النسخة الانتحارية، نجحت أوكرانيا مؤخرًا في استخدام زوارق السطح غير المأهولة في دور اعتراض الأهداف الجوية، مما أدى إلى تحديد الحرية العملياتية (حرية المناورة) وقدرة المروحيات والطائرات المقاتلة الروسية على النجاة. في هذا السياق، يشير مصطلح "زورق سطحي انتحاري (كاميكازي) غير مأهول" إلى زورق سطحي غير مأهول (مُسير) محمل بالمتفجرات أحادي الاتجاه (ذهاب بلا عودة)، حيث تعمل كذخيرة جوالة مصممة للانتقال مباشرة إلى هدفها والانفجار عند الاصطدام، مما يؤدي إلى تدمير نفسها في هذه العملية. تحمل هذه الزوارق غير المأهولة (المسيرة) رأسًا حربيًا مدمجًا في الهيكل أو المقدمة، ويتم توجيهها نحو الأهداف، مما يجعلها ذخيرة جوالة[23]. يستخدم وضع ضد-الجو الأحدث نفس المنصة السطحية الأساسية، ولكنه يستبدل الحمولة المتفجرة بأجهزة استشعار ونظام أسلحة قادر على مشاغلة الطائرات، مثل نظام الدفاع الجوي المحمول قصير المدى (MANPADS) أو قاذفة مماثلة. في هذا الدور، تتموضع زوارق السطح غير المأهولة في البحر في مناطق عمل المروحيات الروسية أو الطائرات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة، مستخدمة الرادار أو أجهزة الاستشعار البصرية أو الحرارية لتوجيه السلاح. هذا التحول يحوّل بشكل أساسي زوارق السطح غير المأهولة من سلاح هجومي يستخدم لمرة واحدة إلى موقع إطلاق متحرك مضاد للطائرات وقابل لإعادة الاستخدام، مما يوسع قيمتها التكتيكية/التعبوية.
في أوائل ديسمبر 2024، نشرت أوكرانيا زوارق سطحية غير مأهولة من طراز "سي بيبي" والمسلحة بالرشاشات خلال هجوم على أهداف عسكرية روسية في خليج كيرتش، القرم. تبادلت هذه الزوارق غير المأهولة إطلاق النار مع مروحيات من طراز Mi-8/Mi-17 Hip. كانت زوارق السطح غير المأهولة مجهزة برشاشات عيار كبير، وكاميرات كهرو-بصرية وأشعة تحت حمراء، بالإضافة إلى أنظمة توجيه آلية تُركب عادة على محطات الأسلحة التي تعمل عن بُعد [24]. بينما نجت المروحيات من الاشتباك بأضرار طفيفة، كشف هذا الحدث عن طبقة جديدة تهدد الطائرات الروسية العاملة في البحر الأسود.
في 31 ديسمبر 2024، أسقط زورق سطحي غير مأهولة من طراز "ماغورا-5" مروحيتين روسيتين من طراز Mi-8 Hip في محيط رأس تارخانكوت، على بعد 60 كيلومترًا (100 ميل) من سيفاستوبول.
وشهدت هذه الحادثة تسجيل أول حالة إسقاط مسجلة لطائرة عمودية عسكرية بواسطة زورق سطحي غير مأهول[25]. أستخدم صاروخ سطح-جو من نوع "سي دراغون" موجه بالأشعة تحت الحمراء (IR) في الهجوم، وهو نسخة تطلق من الأرض طورّتها أوكرانيا اعتماداً على صاروخ R-73 جو-جو السوفييتي، فهو صاروخ "حراري"، أي أنه يعتمد على انبعاث الأشعة تحت الحمراء الصادرة عن الهدف لتتبعه وضربه. تم تعديل مؤخرة الزورق السطحي غير المأهول لتركيب مزالج إطلاق مزدوجة، كل منها قادر على حمل صاروخ سطح-جو واحد.
حققت الزوارق الأوكرانية غير المأهولة إنجازًا عالميًا آخر في 2 مايو 2025، عندما أسقطت الزوارق السطحية غير المأهولة من طراز "ماغورا-7" مقاتلتين متعددتي المهام من طراز Su-30 Flanker باستخدام صواريخ جو-جو موجهة بالأشعة تحت الحمراء من نوع AIM-9 Sidewinder في محيط القاعدة البحرية الروسية في نوفوروسيسك، شرق البحر الأسود. مثّل هذا الحدث علامة فارقة مهمة لأوكرانيا، حيث يمثل إنجازين رئيسيين: أولًا، أول حالة إسقاط لطائرة قتالية روسية بواسطة زورق سطحي غير مأهولة؛ ثانيًا، أول حالة لتجهيز زورق سطحي غير مأهولة بصاروخ AIM-9، وهو صاروخ حراري من صنع الولايات المتحدة يُستخدم بشكل أساسي من قبل المقاتلات للمعارك قصيرة المدى[26].
بالإضافة إلى نجاحها المثبت في مواجهة الأسلحة الروسية في البحر والجو، استخدمت أوكرانيا أيضًا زوارق السطح غير المأهولة ضد الأهداف العسكرية البرية في المناطق الساحلية التي تسيطر عليها روسيا.
ومؤخرًا، في أوائل يوليو 2025، شنت أوكرانيا هجومًا عالي الدقة على محطات الرادار الروسية في القرم باستخدام طائرات مسيرة منخفضة الارتفاع والمدى مجهزة بأنظمة إسقاط القنابل، انطلقت من زوارق سطحية غير مأهولة. وعلى الرغم من صعوبة تحديد حجم الضرر الإجمالي من الهجوم، يبدو أن نظام الرادار بعيد المدى "نيبو-إم" كان على الأرجح الهدف المقصود[27].
تتكون هذه المنشأة الرادارية عادة من وحدة قيادة متنقلة وما يصل إلى ثلاث رادارات متعددة مثبتة على شاحنات[28]. وفقًا للمصادر الروسية، يُعد "نيبو-إم" نظام رادار متعدد الأغراض قادر على اكتشاف الطائرات الشبحية والصواريخ الباليستية طويلة المدى لمسافة تصل إلى ألف كيلومتر كحد أقصى[29].
تجعل هذه الميزات مجتمعة من "نيبو-إم" سلاحاً حيويًا في تنظيم الدفاع الجوي الروسي.
منذ بداية الصراع، نشرت موسكو عدة رادارات من طراز "نيبو-إم" في منطقة البحر الأسود لتعزيز تغطيتها الرادارية ضد التهديدات الجوية القادمة من أوكرانيا[30]. إلا أن هذه الرادارات أصبحت أكثر استهدافًا من قِبل الغارات الجوية الأوكرانية التي تهدف إلى إضعاف قدرات الكشف الروسية قبل شن ضربات دقيقة على أنظمة الدفاع الجوي أو أهداف عسكرية أخرى[31].
تجدر الإشارة إلى أن استخدام الزوارق السطحية غير المأهولة كحاضنات/حاملات للطائرات المسيرة لشن هجمات على أهداف روسية على الشاطئ لا يمثل حدثاً منفرداً. ففي أوائل يناير 2025، استُخدمت لأول مرة طائرات مسيرة أحادية الاتجاه مزودة بكاميرات مراقبة (FPV)، حيث انطلقت من زوارق سطحية غير مأهولة لمهاجمة أنظمة الدفاع الجوي الروسية قصيرة المدى في منطقة خيرسون[32]. إلى جانب ذلك، يُشتبه في أن زوارق سطحية غير مأهولة كانت وراء طلعة جوية مماثلة في مارس 2025 [33].
يشكل الاستخدام المبتكر للطائرات المسيرة المُطلَقة من الزوارق السطحية غير المأهولة لاستهداف منصات أسلحة الدفاع الجوي الاستراتيجية تحديًا خفياً لقدرة روسيا على رصد وتتبع واعتراض التهديدات الجوية القادمة، مما يزيد من قدرة القوات الأوكرانية على ضرب أهداف روسية حيوية. تُجبر الهجمات الأوكرانية المُستمرة على أنظمة الدفاع الجوي الاستراتيجية الروسية في شبه جزيرة القرم موسكو على تسريع عمليات الاستبدال من خلال إعادة تخصيص أسلحتها من جبهات أخرى، مما قد يجعل تلك المناطق أكثر عُرضة للخطر.
بالنسبة لأوكرانيا، فإن تحويل الزوارق غير المأهولة إلى حاضنات/حاملات للطائرات المسيرة وسّع بشكل كبير مدى الضربات الجوية لطائراتها التي تحلق على ارتفاع منخفض وبمدى محدود. عادةً ما تحتاج هذه الطائرات إلى اتصالات مستمرة ضمن مدى خط النظر، ما يجعلها غير مناسبة للمهام بعيدة المدى. ومع ذلك، تساعد أنظمة الاتصال اللاسلكي أو أنظمة الألياف الضوئية المُركّبة على الزوارق السطحية غير المأهولة في التغلب على هذا التقييد من خلال إقامة رابط مباشر قائم على خطّ النظر بين المُسيطر/المٌشغل والطائرة المسيرة.
تقييم الجوانب الإيجابية والسلبية
نقاط القوة
أولًا، أظهرت حملة الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية امتلاك هذه الزوارق لحلول قابلة للتوسع وقادرة على التكيّف السريع مع واقع الحرب البحرية عالية الكثافة. تطوّر الاستخدام الأولي للزوارق السطحية غير المأهولة كقوارب انتحارية إلى أدوار أكثر تقدمًا، مثل منصات مضادة للطائرات وحواضن/حاملات لإطلاق الطائرات بالمسيرة، يبرهن على تعدّد استخدامات الزوارق السطحية غير المأهولة في تلبية الاحتياجات العملياتية سريعة التغير والمطلوبة للنجاح في الحرب البحرية الحديثة.
ثانيًا، تمثل الزوارق السطحية غير المأهولة سلاحاً فعالاً من حيث التكلفة لتوسيع قدرات الهجمات البحرية والمحافظة على إدامة زخم العمليات. وعلى الرغم من الجمع بين التقنيات العسكرية المتقدمة والمكونات التجارية الجاهزة، تُعد الزوارق السطحية غير المأهولة التي استخدمها الجانب الأوكراني منصات باهظة الثمن، حيث تتراوح تكلفة كل منها بين 221,000 و250,000 دولار أمريكي تقريبًا. ومع ذلك، تظلّ أرخص نسبيًا من متجهات أخرى استخدمتها القوات الأوكرانية لاستهداف أهداف مماثلة، مثل السفن الحربية والمنشآت العسكرية والحيوية. على سبيل المثال، يبلغ التكلفة التقديرية صاروخ R-360 «نبتون» الأوكراني المضاد للسفن، والذي يعمل في جميع الظروف الجوية والمعروف بإغراقه للطراد من فئة «سلافا» موسكفا الذي يحمل صواريخ موجهه (السفينة الرئيسية لأسطول البحر الأسود الروسي) في أبريل 2022، نحو 1.5 مليون دولار[34]. علاوة على ذلك، فإن نشر الزوارق السطحية غير المأهولة لأغراض قتالية بخلاف عمليات الضربات الانتحارية، يسمح بإطالة عمر هذه المنصات إلى أقصى حد، مما يزيد من تقليل التكلفة، ويحافظ على جاهزية القوات، ويعزز استدامة الحملة بشكل عام.
ثالثًا، ساعد استخدام الزوارق السطحية غير المأهولة أوكرانيا على تحقيق تكافؤ في ساحة المواجهة مع روسيا في المسرح البحري، ولكن ليس في هذا المجال وحده. فعلى الرغم من الطبيعة الساحلية لقواتها البحرية، ساعد لجوء كييف المكثف إلى الزوارق السطحية غير المأهولة في تعويض خلل التوازن العسكري النظري أمام روسيا، سواء عبر تدمير السفن الحربية المعادية أو عبر تقييد حرية المناورة العملياتية لأسطولها البحري بشكل ملحوظ. علاوة على ذلك، فإن انتشار الزوارق السطحية غير المأهولة والمجهزة برشاشات والصواريخ، إلى جانب الاستخدام المتزايد لهذه الزوارق كحاضنات/حاملات لإطلاق الطائرات المسيرة لتنفيذ طلعات جوية سريعة ضد أهداف برية، قد ساهم أيضًا في تقليص التفوق العسكري الروسي في المجالين الجوي والبري، مقيّدًا قدرة الأسلحة الجوية الروسية على العمل وتعريض أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الروسية لتهديدات غير مسبوقة. في حين أنه من غير المرجح أن تحقق أوكرانيا نصرًا عسكريًا حاسمًا في ساحة المعركة في المناطق البرية المتنازع عليها، إلا أن الزوارق السطحية غير المأهولة مكّنتها من تحقيق "تفوق محلي" [35] ضد خصم أقوى على جبهة البحر الأسود.
القيود:
أولًا، استهدفت معظم الضربات الأوكرانية الناجحة سفنًا حربية قديمة تعود إلى الحقبة السوفييتية. على الرغم من التحديثات الدورية، فإن هذه الزوارق لا تزال غير مهيأة بشكل كافٍ لمواجهة التهديدات الحديثة منخفضة البصمة الرادارية، مثل الزوارق غير المأهولة. وبدلاً من ضرب أساس القدرات البحرية الروسية الأكثر تطورًا، والتي تنفتح ضمن الأسطولين الشمالي والهادئ بعيدًا عن ساحة المعركة[36]. حيّدت حملة الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية إلى حد كبير سفنًا تقع بالفعل ضمن الطرف الأدنى من طيف التهديد، وهي منصات لم تُصمَّم أساسًا لتحمّل تكتيكات الأسراب أو دقة العمليات عن بُعد التي تميز حرب القرن الحادي والعشرين. يمكن توقع نتائج عملياتية مختلفة ضد الأسلحة البحرية الأكثر حداثة، والمجهزة بشكل أفضل بكثير بأجهزة استشعار وتدابير مضادة ودفاعات متعددة الطبقات لصد مثل هذه التهديدات غير المتكافئة.
ثانيًا، لا تمثل الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية حلًّا سحريًا ضد أنظمة الأسلحة الروسية المأهولة مرتفعة التكاليف. فبينما حققت أوكرانيا سلسلة من النجاحات القتالية غير المسبوقة عالميًا باستخدام الزوارق السطحية غير المأهولة، مُمهِّدة الطريق لاستخدامها في الحرب البحرية الحديثة، سبقت هذه الانتصارات العديد من المحاولات الفاشلة، بما في ذلك مهام انتهت بتدمير الأسلحة قبل بلوغ الهدف أو بجنوحها إلى الشاطئ نتيجة فقدان الاتصال. يعكس هذا السجل العملياتي المختلط القيود المتأصلة في نشر تقنيات جديدة نسبيًا وأنظمة تسليح ناشئة ضمن بيئة حرب عالية الكثافة. وعلاوة على ذلك، ورغم أن وتيرة التكيف بطيئة، فإن روسيا تعمل تدريجيًا على تحييد التهديدات غير المتماثلة من خلال دمج دفاعات محسّنة وتدابير مضادة إلكترونية[37]. وتشمل هذه الجهود تحسين الكشف المبكر عن التهديدات القادمة عبر نشر المروحيات وزوارق الهجوم السريع لتسيير دوريات على مقتربات الوصول الى الأسلحة الاستراتيجية، وتوسيع نطاق وسائل الدفاع المتحرك، ولا سيما الطائرات المسيرة الاعتراضية لخوض قتال ضد الطائرات المسيرة المعادية [38] ولذلك، وبينما تسعى روسيا إلى تطوير نظام دفاعي متعدد الطبقات، فإن فعالية الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية قد تتضاءل ما لم تكن مصحوبة بابتكارات موازية في التكتيكات والتنسيق والقدرة على البقاء.
أخيرًا، تُعد الزوارق السطحية غير المأهولة أسلحة محدودة وذات قيمة عالية. وعلى الرغم من كونها أقل تكلفة من أنظمة الأسلحة الأكثر تطورًا، إلا أن تكلفتها تُقدّر بأكثر من 220 ألف دولار أمريكي للواحدة، وهو تقدير لا يشمل النفقات الإضافية المتعلقة بدمج أنظمة الصواريخ أو الطائرات المسيرة الانتحارية المجهزة بكاميرات مراقبة على متنها. على سبيل المثال، نجحت حملة التمويل الجماعي United24 في جمع الأموال اللازمة لتمويل بناء العديد من زوارق السطح غير المأهولة، إلا أن هذا النوع من النجاح ليس من السهل تكراره. علاوة على ذلك، قد يؤثر عدم اليقين المُحيط باستمرار المساعدات الدفاعية الغربية، إلى جانب الاحتياجات المُتغيرة لساحة المعركة، على عملية صنع القرار الأوكرانية بشأن تخصيص الموارد المالية المحدودة. قد تُعطي كييف أولوية متزايدة لشراء صواريخ اعتراضية للدفاع عن المنشأت الحيوية العسكرية والمناطق المدنية، وربما على حساب المزيد من الاستثمارات في الزوارق السطحية غير المأهولة.
الاستنتاجات
أدى الاستخدام المكثف للزوارق السطحية غير المأهولة في القتال من قبل أوكرانيا إلى تغيير جذري في البيئة العملياتية في البحر الأسود. من خلال تحويل منصات محلية الصنع منخفضة التكلفة نسبيًا إلى أسلحة هجومية متعددة الأدوار، تمكنت كييف من تعويض العجز الحاد في القوة البحرية التقليدية. فرضت الحملة تكاليف مستمرة على أسطول البحر الأسود الروسي، وعطلت الإمداد، وقيّدت حرية المناورة العملياتية لموسكو في البحر والجو. ومع ذلك، فإن هذا السجل القوي من النجاحات العسكرية غير المسبوقة عالميًا يبرز أيضًا قيودًا رئيسية: فقد استهدفت معظم الضربات الناجحة منصات قديمة، فيما تعمل روسيا تدريجيًا على تحسين دفاعاتها المضادة للطائرات المسيرة.
ستعتمد استدامة حملة الزوارق السطحية غير المأهولة الأوكرانية على الابتكار المستمر، وتدفق الموارد الموثوقة، والدعم الغربي في مجالات التقنية والتمويل. بغض النظر عن فعاليتها النهائية في الصراع الحالي، فقد أكدت الحملة على الإمكانيات المدمرة للزوارق السطحية غير المأهولة في الحرب البحرية الحديثة، وهو تطور ذو تداعيات واسعة على التخطيط المستقبلي للقوات واستراتيجيات الأمن البحري.
واستنادًا إلى الدروس المستفادة من ساحة المعركة في البحر الأسود، بدأ بالفعل دمج الزوارق السطحية غير المأهولة في عمليات الحرب البحرية من قبل بعض القوات البحرية الصغيرة والمتوسطة[39]، مما قد يوسع نطاق النزاعات الساحلية ويشكل تحديات أمام أنظمة الأمن البحري الحالية. كما تتخذ الدول التي تمتلك قوة بحرية تقليدية مهيمنة خطوات ملموسة للاستفادة من تطوير أنظمة بحرية منخفضة التكاليف وقابلة للتعديل لإحداث تأثيرات استراتيجية كبيرة، مما يزيد من القوة الرادعة لأساطيلها التقليدية[40]. يمكن أن يحفز هذا الانتشار الابتكار في التدابير المضادة ومخاطر الانتشار، مما يجعل العقيدة القتالية للزوارق السطحية غير المأهولة مسألة ملحة في مناقشات تخطيط القوات وضبط الأسلحة عالميًا.
بيان إخلاء المسؤولية:
الآراء والمواقف الواردة في سلسلة منشورات “آراء ورؤى” تعبّر عن وجهات النظر الشخصية للكتّاب، ولا تعكس بالضرورة السياسات أو المواقف الرسمية لمركز ربدان للأمن والدفاع أو أي من المؤسسات التابعة له أو لأي جهة حكومية. والمحتوى المنشور يهدف إلى توفير معلومات عامة ويعكس وجهات نظر شخصية حول قضايا متعلقة بالأمن والدفاع.
[1] Peter Dickinson, ‘Ukraine is shaping the future of drone warfare at sea as well as on land’, Atlantic Council, June 12, 2025. https://www.atlanticcouncil.org/blogs/ukrainealert/ukraine-is-shaping-the-future-of-drone-warfare-at-sea-as-well-as-on-land/.
[2] H I Sutton, ‘Ukraine's Sea Baby Maritime Drone (USV)’, Covert Shores, March 30, 2025. http://www.hisutton.com/Ukraine-Sea-Baby-USV.html.
[3] United24, ‘This is Battleship. Your donation is your play’, https://u24.gov.ua/seababy.
[4] Defense Intelligence of Ukraine, ‘The Era of Magura: Defence Intelligence of Ukraine Unveils Revolutionary Naval Drones Capable of Destroying Enemy Ships and Aircraft’, May 15, 2025. https://gur.gov.ua/en/content/era-maury-komanda-hur-vpershe-prezentuvala-novitni-morski-drony-zdatni-nyshchyty-vorozhi-korabli-ta-litaky.
[5] Elisabeth Gosselin-Malo, ‘Ukraine seeks upper hand in cat-and-mouse game of naval drones’, C4ISRNET, September 14, 2023. https://www.c4isrnet.com/unmanned/2023/09/14/ukraine-seeks-upper-hand-in-cat-and-mouse-game-of-naval-drones/.
[6] Vadim Kushnikov, ‘MAGURA V5 marine drone developed in Ukraine’, Militarnyi, July 26, 2023, https://militarnyi.com/en/news/magura-v5-marine-drone-developed-in-ukraine/.
[7] H I Sutton, ‘First Image Of Ukraine’s Sidewinder-Armed Magura V7 Surface Drone’, Naval News, May 4, 2024. https://www.navalnews.com/naval-news/2025/05/first-image-of-ukraines-sidewinder-armed-magura-v7-surface-drone/.
[8] Elise Vincent and Emmanuel Grynszpan, ‘Ukraine uses naval suicide drones for the first time against Russian fleet in Crimea’, Le Monde, November 4, 2022. https://www.lemonde.fr/en/international/article/2022/11/04/ukraine-uses-naval-suicide-drones-for-the-first-time-against-russian-fleet-in-crimea_6002946_4.html.
[9] Steven Wills, ‘Why Sevastopol is Important to the Russian Black Sea Fleet’, Center for Maritime Strategy, August 4, 2023. https://centerformaritimestrategy.org/publications/why-sevastopol-matters-to-the-russian-black-sea-fleet/.
[10] The Insider, ‘GeoConfirmed: Drones struck at least three Russian ships in Sevastopol harbor’, October 31, 2022. https://theins.ru/en/news/256556#:~:text=Six%20to%20eight%20sea%20drones,at%20the%20Sevastopol%20naval%20base.
[11] Colin Flint, ‘Bottled up in the Black Sea: Russia is having a dreadful naval war, hindering its great power ambitions’, The Conversation, October 3, 2024. https://theconversation.com/bottled-up-in-the-black-sea-russia-is-having-a-dreadful-naval-war-hindering-its-great-power-ambitions-238195.
[12] H I Sutton, ‘Russian Navy Pulls Warships from Black Sea into Port After Attacks’, USNI News, November 7, 2022. https://news.usni.org/2022/11/07/russian-navy-pulls-warships-from-black-sea-into-port-after-attacks.
[13] Boyko Nikolov, ‘Russia’s new defense thwarts Ukraine’s naval drone strikes’, Bulgarian Military, April 7, 2025. https://bulgarianmilitary.com/2025/04/07/russias-new-defense-thwarts-ukraines-naval-drone-strikes/.
[14] Howard Altman, ‘Drone Boats Used In Kerch Bridge Strike: Reports (Updated)’, The War Zone, July 17, 2023. https://www.twz.com/drone-boats-used-in-kerch-bridge-strike-reports.
[15] Brigadier General a. D. Heinrich Fischer, ‘The Kerch Bridge – An Achilles heel of Russian logistics’, Europäische Sicherheit & Technik, March 11, 2024. https://esut.de/en/2024/03/fachbeitraege/47124/die-kertsch-bruecke-eine-achillesferse-der-russischen-logistik/.
[16] Glanz and Marco Hernandez, ‘How Ukraine Blew Up a Key Russian Bridge’, The New York Times, November 17, 2022, https://www.nytimes.com/interactive/2022/11/17/world/europe/crimea-bridge-collapse.html.
[17] Veronika Melkozerova, ‘Ukraine launches explosive underwater attack on Crimean bridge’, Politico, June 3, 2025, https://www.politico.eu/article/ukraine-launches-explosive-underwater-attack-crimean-bridge/.
[18] Reuters, ‘Ukraine sinks two Russian landing boats in Crimea, military says’, November 11, 2023. https://www.reuters.com/world/europe/ukraine-damages-two-small-russian-landing-boats-crimea-kyiv-says-2023-11-10/.
[19] Peter Felstead, ‘Ukrainians sink Russian missile corvette in USV attack’, European Security & Defence, February 1, 2024. https://euro-sd.com/2024/02/major-news/36283/ukraine-sinks-russian-corvette/.
[20] The Economist, ‘How Ukraine sank the Caesar Kunikov—and is beating Russia at sea’, February 4, 2024. https://www.economist.com/the-economist-explains/2024/02/14/how-ukraine-sank-the-caesar-kunikov-and-is-beating-russia-at-sea.
[21] Thomas Newdick, ‘Ukrainian Drone Boats Sink Another Russian Navy Landing Ship’, The War Zone, February 14, 2024. https://www.twz.com/sea/ukrainian-drone-boats-sink-another-russian-navy-landing-ship.
[22] Kateryna Denisova, ‘Ukraine war latest: Russian Mangust-class vessel destroyed in Crimea, military intelligence says’, The Kyiv Independent, May 6, 2024. https://kyivindependent.com/ukraine-war-latest-russian-mangust-class-vessel-destroyed-in-crimea-military-intelligence-says/; Vadim Kushnikov, ‘Ukrainian naval drone destroys raid tugboat in Crimea’, Militarnyi, June 6, 2024. https://militarnyi.com/en/news/ukrainian-naval-drone-destroys-raid-tugboat-in-crimea/.
[23] OCIMF, ‘Loitering Munitions – The Threat to Merchant Ships’, August 2023, https://www.maritimeglobalsecurity.org/media/db1onvme/loitering-munitions-the-threat-to-merchant-ships.pdf.
[24] Joseph Trevithick, ‘Ukraine’s Drone Boats Are Now Shooting Machine Guns At Russian Helicopters, Boats’, The War Zone, December 9, 2024. https://www.twz.com/sea/ukraines-drone-boats-are-now-shooting-machine-guns-at-enemy-helicopters-boats.
[25] Peter Felstead, ‘Ukraine’s GUR claims Russian Mi-8 kills using missiles fired from MAGURA V5 USVs’, European Security and Defence, January 3, 2025. https://euro-sd.com/2025/01/major-news/41911/magura-v5-mi-8-kills/.
[26] Howard Altman, ‘Two Russian Su-30 Flankers Downed By AIM-9s Fired From Drone Boats: Ukrainian Intel Boss’, The War Zone, May 3, 2025. https://www.twz.com/news-features/two-russian-su-30-flankers-downed-by-aim-9s-fired-from-drone-boats-ukrainian-intel-boss.
[27] Howard Altman, ‘Ukraine’s Uncrewed Surface Vessels Are Now Launching Bomber Drones To Attack Crimea’, The War Zone, July 3, 2025.
[28] Luke Diaz, ‘How Does Russia's $100 Million Nebo-M Counter-Stealth Radar Work?’, Simple Flying, January 26, 2025. https://simpleflying.com/how-russia-100-million-nebo-m-counter-stealth-radar-works/.
[29] TASS, ‘Russia’s Nebo-M radars can detect F-22, F-35 warplanes — developer’, May 23, 2021. https://tass.com/defense/1292733.
[30] Luke Diaz, ‘How Does Russia's $100 Million Nebo-M Counter-Stealth Radar Work?’, Simple Flying, January 26, 2025. https://simpleflying.com/how-russia-100-million-nebo-m-counter-stealth-radar-works/.
[31] David Axe, ‘Russia Built A Dozen Nebo-M Mobile Radars To Detect Ballistic Missiles. Ukraine Keeps Blowing Them Up ... With Ballistic Missiles.’ Forbes, October 4, 2024. https://www.forbes.com/sites/davidaxe/2024/10/04/russia-built-a-dozen-nebo-m-mobile-radars-to-detect-ballistic-missiles-ukraine-keeps-blowing-them-up--with-ballistic-missiles/.
[32] Thomas Newdick, ‘Ukraine Claims Its Drone Boats Are Now Launching Kamikaze FPV Drones At Russian Shore Targets’, The War Zone, January 7, 2025. https://www.twz.com/news-features/ukraine-claims-its-drone-boats-are-now-launching-kamikaze-fpv-drones-at-russian-shore-targets.
[33] Howard Altman, ‘Ukraine Launches FPV Drone Attack On Russia’s Air Defenses In Crimea’, The War Zone, March 19, 2025. https://www.twz.com/news-features/ukraine-launches-fpv-drone-attack-on-russias-air-defenses-in-crimea.
[34] Interesting Engineering, ‘The future of cruise missiles: What you need to know’. https://interestingengineering.com/videos/ep-8-the-future-of-cruise-missiles-what-you-need-to-know.
[35] David Kirichenko, ‘Ukraine’s Marauding Sea Drones Bewilder Russia’, Center for European Policy Analysis, January 30, 2025. https://cepa.org/article/ukraines-marauding-sea-drones-bewilder-russia/.
[36] Gonzalo Vázquez, ‘Russia’s Bloodied Navy Remains a Threat’, Center for European Analysis, October 11, 2023. https://cepa.org/article/russias-bloodied-navy-remains-a-threat/.
[37] Boyko Nikolov, ‘Russia’s new defense thwarts Ukraine’s naval drone strikes’, Bulgarian Military, Apr 7, 2025. https://bulgarianmilitary.com/2025/04/07/russias-new-defense-thwarts-ukraines-naval-drone-strikes/.
[38] Howard Altman, ‘Russian FPV Drone Seen Attacking Ukrainian Uncrewed Surface Vessel For The First Time’, The War Zone, May 30, 2024. https://www.twz.com/news-features/russian-fpv-drone-seen-attacking-ukrainian-uncrewed-surface-vessel-for-the-first-time; Army Recognition Group, ‘Russia creates Kinzhal interceptor to prevent Ukrainian kamikaze drones from hitting key targets’, July 14, 2025. https://armyrecognition.com/news/army-news/2025/russia-creates-kinzhal-interceptor-to-prevent-ukrainian-kamikaze-drones-from-hitting-key-targets.
[39] Dylan Malyasov, ‘Turkish Navy to get drone boats’, Defence Blog, Mar 6, 2025, https://defence-blog.com/turkish-navy-to-get-drone-boats/; Royal Navy, ‘New uncrewed boat to boost Royal Navy minehunting operations’, March 17, 2025, https://www.royalnavy.mod.uk/news/2025/march/17/20250317-ariadne-arrival-to-mine-counter-measures-programme; Dr Lee Willett, ‘From lab to ship: Portuguese Navy charts course towards integrated MUS operations’, European Security and Defence, March 27, 2025, https://euro-sd.com/2025/03/articles/43365/from-lab-to-ship-portuguese-navy-charts-course-towards-integrated-mus-operations/.
[40] Aaron-Matthew Lariosa, ‘Navy Seeks New Fast Attack Surface Drone Design’, USNI News, July 28, 2025, https://news.usni.org/2025/07/28/navy-seeks-new-fast-attack-surface-drone-design; Alex Luck, ‘Chinese Experimental Aviation Platform And Combat USV Emerge In Detailed New Imagery’, Naval News, November 7, 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/11/chinese-experimental-aviation-platform-and-combat-usv-emerge-in-detailed-new-imagery/.