دبلوماسية دولة الإمارات العربية المتحدة المتوازنة في مجموعة البريكس الصاعدة

صعود ونهوض مجموعة "البريكس"  

تم استحداث مصطلح "بريك" (BRIC) في عام 2001 من قِبل الخبير الاقتصادي "جيم أونيل" الذي يعمل لدى مؤسسة جولدمان ساكس، وذلك بهدف تسليط الضوء على القوة الاقتصادية الصاعدة لدولة البرازيل وروسيا والهند والصين.[1] وفي السنوات التالية، توصّلت المجموعة إلى اتفاقٍ مشترك لتعزيز النمو الاقتصادي والحد من هيمنة المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية، وخاصة تلك التابعة للولايات المتحدة الأمريكية. تم إطلاق اتحاد "البريك" رسميًا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2009، وبعد عامٍ واحد تم توسيع الاختصار بزيادة الحرف "S" بعد انضمام دولة جنوب إفريقيا، ليُصبح (BRICS) "بريكس".[2] وفي عام 2023، تمت دعوة ست دول أخرى للانضمام للمجموعة، حيث انضمت أربع منها رسميًا في يناير 2024، وهي: إثيوبيا، مصر، إيران، والإمارات العربية المتحدة، ورفضت الأرجنتين دعوتها للانضمام بعد انتخاب الرئيس الجديد خافيير ميلي، بينما لا تزال المملكة العربية السعودية تدرس إمكانية الانضمام.[3] وفي يناير 2025، انضمت إندونيسيا للمجموعة ليرتفع عدد أعضائها إلى عشرة.[4] وقد لاقى توسّع مجموعة "البريكس" ترحيبًا من الأعضاء الحاليين، وخاصة روسيا، التي أصبحت في أمسّ الحاجة إلى أصدقاءٍ جُدد وذلك بعد غزوها لأوكرانيا في عام 2022.

ومما أثار دهشة المراقبين الغربيين أن الدول النامية تنتظر دورها حاليًا للانضمام إلى مجموعة "البريكس"، حيث أفادت التقارير بأن أكثر من 40 دولة أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى عضوية المجموعة.[5] ويُعزى ذلك على الأرجح إلى شعور دول الجنوب بالاستياء من تدهور النمو الاقتصادي والظروف التجارية المحلية، وإلى تصورها بأن النفوذ العالمي المتصاعد لمجموعة "البريكس" يُمثّل "مرحلة نضوج" لدول الجنوب العالمي وبديلًا حقيقيًا للهيمنة الملموسة للولايات المتحدة الأميركية. وقد بدأت هذه السردية تُشكّل أداة قوية لإضفاء الشرعية على جهود استقطاب مزيدٍ من الدول للانضمام إلى المجموعة. وللاستفادة من ذلك، قدّمت مجموعة "البريكس" خلال قمتها في كازان، روسيا، في أكتوبر 2024، وضعية "الشراكة الانتقالية" والتي تُعد بمثابة خطوة تمهيدية للدول نحو الحصول على العضوية الكاملة.[6] وبموجب هذه الصفة الجديدة، يحق للدول الشريكة المشاركة في القِمم السنوية واجتماعات وزراء الخارجية وكذلك المصادقة على البيانات المشتركة للمجموعة. كما تم خلال قمة كازان دعوة 13 دولة لتُصبح دولًا شريكة لمجموعة "البريكس"، حيث قبِلت تسع دول وهي بيلاروسيا، وبوليفيا، وكازاخستان، وكوبا، وماليزيا، وتايلاند، وأوغندا، وأوزبكستان، ونيجيريا الانضمام وأصبحت رسميًا دولًا شريكة للمجموعة في الأول من يناير 2025.[7] أما الدول الأربع المتبقية التي تمت دعوتها وهي الجزائر، ونيجيريا، وتركيا، وفيتنام، فلم تقدم ردها رسميًا حتى نهاية عام 2024.

وفي ظل البيئة التجارية الحالية التي تتسم بالفوضى وعدم القدرة على التنبؤ، فإن تزايد شعبية مجموعة "البريكس" لا يُعد أمرًا مفاجئًا، لا سيّما وأن المجموعة توفّر لدول الجنوب ذات الأوضاع الاقتصادية الهشّة ملاذًا "جاهزًا" ضد سياسات واشنطن المتقلِّبة والعدائية. تهدف هذه المقالة التحليلية إلى استعراض الدور المتنامي لمجموعة "البريكس"، وتأثيرها المتصاعد، والتوقعات بشأن تعاظُم نفوذها بعد التوسّع الكبير الذي شهدته مؤخرًا. وبعد هذا العرض النقدي الشامل، سيتم التطرق إلى حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها واحدة من "القوى المتوسطة" التي انضمت حديثًا إلى مجموعة "البريكس". وتُختتم هذه المقالة بقسم مخصّص للاستنتاجات. 

سجالات ومفارقات سياسية 

إن الحلول التنموية التي توفرها مجموعة "البريكس" تتلاءم مع تطلعات دول الجنوب وذلك لعدة أسباب منها؛ أن المجموعة تُمثل انفصالًا عن الإرث الاستعماري المشوَّه لأوروبا، والانتقادات الغربية المتكررة بشأن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان. لكن الأهم من ذلك، أن المجموعة تُعد بديلاً محتملاً للنظام الدولي القائم على القواعد، والذي تُهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، ويضم مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وذلك من خلال توفير المجموعة لنظامٍ جديد أكثر تعاطفًا مع دول "الجنوب العالمي". ومع أن مجموعة "البريكس" لديها من الإمكانات ما يُمكنها من إحداث تغييرٍ عالمي، فإنه من الضروري التعامل مع هذا التفاؤل بحذر؛ فعلى الرغم من أن المجموعة بذلت جهودًا كبيرة لتعزيز صورتها كقوة هادفة للتغيير، فإن ثمة نقطتي ضعف رئيسيتين تلوحان في الأفق.

أولهما، أن مجموعة "البريكس" الموسعة هي عبارة عن تجمعٍ غير متجانس من الدول، إذ لا تربطها قواسم دينية أو ثقافية أو أيديولوجية أو اقتصادية أو جغرافية واضحة. وقد طغت مظاهر العداء بين الأعضاء على مظاهر الوئام، ويتجلى ذلك في حالة انعدام الثقة القائمة منذ فترة طويلة بين دول الخليج وإيران، والنزاع الشديد بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة الذي شيدته إثيوبيا مؤخرًا، فضلًا عن ذكريات حرب الحدود التي اندلعت في عام 1962 بين الهند والصين، واختلاف وجهات النظر بين البلدين بشأن باكستان. وفي حين تنتهج روسيا وإيران والصين موقفًا متشددًا مناهضًا للغرب بشكلٍ مستمر، فإن البرازيل وإندونيسيا والهند تتبنى موقفًا دبلوماسيًا أكثر حيادية حيال ذلك. ومن شأن هذه التوترات أن تُصعِّب من إمكانية توصُّل تلك الدول إلى مواقف سياسية موحدة ومتسقة.

أما نقطة الضعف الثانية فتتمثل في أن مجموعة "البريكس" قد عانت على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية من حالة جمود سياسي مستمر، حيث ساد فيها الطابع الرمزي على المضمون الجوهري. ونظرًا لمنطقية وتأثير هذه الانتقادات، فقد مهدت المجموعة الطريق لإقامة شبكة متنامية من التعاون بين الحكومات، مما أفضى إلى إبرام العديد من الاتفاقيات التي شملت إنشاء نظامٍ مالي باسم "ترتيب الاحتياطي الطارئ (CRA)" في عام 2014، بتمويل أولي قدره 100 مليار دولار أمريكي، وذلك بهدف توفير السيولة للدول الأعضاء التي تُعاني من ضوائق مالية.[8] وبعد ذلك بعام، تم تأسيس بنك التنمية الجديد (NDB) باستراتيجية تهدف إلى تخصيص نحو 40% من اعتمادات المشاريع للاستثمار في مشاريع مستدامة بيئيًا وتُخفف من آثار تغير المناخ في الدول الأعضاء النامية والصاعدة، مع زيادة تمويل هذه المشاريع بالعملات المحلية.[9] كما أن هناك العديد من المشاريع قيد التنفيذ والتي قد تحظى بزخمٍ متزايد بعد توسّع مجموعة "البريكس" في عامي 2024 و2025. وتتضمن هذه المشاريع التخلص من هيمنة الدولار الأميركي المتعثّر حاليًا، وذلك من خلال إنشاء عملة موحدة لدول "البريكس"، وهو مقترح عرضته دولة البرازيل وواجه صعوبات في تأييده وتبنِّيه، لكن أُُعيد طرحه مجددًا وسط تكهنات بأن "ترتيب الاحتياطي الطارئ" يمكن أن يُشكل الأساس لهذه العملة المشتركة. كما سعت دول "البريكس" إلى اعتماد التبادل التجاري متعدد العملات، حيث تم بالفعل إجراء بعض المعاملات الدولية بين الصين وروسيا باستخدام عملتي اليوان والروبل، وتداولت الدول الأعضاء الأخرى فيما بينها باستخدام عملاتها المحلية. وقد شملت المقترحات الأخرى التي تم تطويرها: سياسة الإعفاء الجمركي للدول الأقل نموًا والتي تربطها علاقات دبلوماسية مع بكين،[10] ومبادرة نظام المدفوعات بريكس باي (BRICS Pay) التي تُمثل تحديًا مباشرًا لشبكة المدفوعات الدولية سويفت "SWIFT" المُدارة في الغالب بعملة الدولار الأميركي.[11] وعلى نحو أكثر طموحًا، فإن مجموعة "البريكس" قد تسعى للانضمام إلى رابطة أمريكا اللاتينية للتجارة الحرة (لافتا)، والسوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور)، وربما إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) لاحقًا.[12]

إعادة تمحور القوة الجيو-اقتصادية في القرن الحادي والعشرين؟

لكي يُنظر إلى مجموعة "البريكس" على أنها بديل عملي للنظام التجاري العالمي القائم حاليًا، فإن قوتها الاقتصادية تُعد أمرًا أساسيًا، وهذا ما حققته المجموعة من خلال توسعها مؤخرًا؛ حيث تُشير بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الدول العشر الأعضاء في مجموعة "البريكس" والدول التسع الشريكة لها تُمثل 55% من سكان العالم و46% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.[13] وعلى مدى العقد الماضي، شكّلت الصين والهند وحدهما 47% من النمو العالمي.[14] وفي عام 2024، بلغ متوسط نمو دول "البريكس" حوالي 4% مقارنة بنحو 1% لدول مجموعة السبع؛[15] وبحلول عام 2026، من المتوقع أن تتجاوز حصة المجموعة من التجارة العالمية حصة مجموعة السبع.[16] ومن المرجح أيضًا أن يستمر هذا التباين في مسار النمو، نظرًا لأن مجموعة "البريكس" تضم بعضًا من أسرع المناطق نموًا في العالم والتي تشمل خمسة من أكبر الاقتصادات في إفريقيا، وكذلك اقتصاداتٍ رئيسية في وسط وجنوب شرق آسيا. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من المتوقع خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة القادمة، أن تُصبح الصين القوة الاقتصادية الرائدة على مستوى العالم، وستحتل الهند المرتبة الثالثة، وإندونيسيا المرتبة الخامسة، بينما سترتقي الدول الشريكة وهي ماليزيا ونيجيريا وتايلاند إلى قائمة أكبر عشرين اقتصادًا في العالم.[17] وعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي لمجموعة "البريكس" يُؤكد على مبدأ التعددية والتعاون والتنمية العالمية العادلة، فإن هناك مخاوف من أن تُستخدم المجموعة بشكلٍ أساسي كأداة للصين لبسط نفوذها وإبراز قوتها، حيث تُمثل الصين ثلثي الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة وحجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء.[18] كما تُعد الصين الشريك التجاري الأول لكلٍ من البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران، ولديها أيضًا استثماراتٍ كبيرة في هذه الدول.[19] بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم دول "البريكس" تُشارك بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث أفادت التقارير بأنه تم بالفعل ضخّ ما يُقدر بنحو تريليون دولار في مشاريع تمتد من آسيا الوسطى إلى أمريكا اللاتينية، مع إمكانية أن يصل إجمالي الاستثمارات فيها إلى 8 تريليونات دولار.[20]​ وعلى الرغم من أنها ليست عضوًا رسميًا في مبادرة الحزام والطريق، فقد أصبحت البرازيل، التي تولت رئاسة مجموعة "البريكس" هذا العام، شريكًا رئيسيًا فيها بسبب دورها كمورّدٍ مركزي للأغذية.[21] وتُحقّق الصين هذا التأثير من خلال خطابها السياسي، واستخدامها لمجموعة "البريكس" كمنصة تجارية خاصة مرتبطة بمبادرة الحزام والطريق؛[22] ومن المتوقع أن يؤدي التنسيق والتعاون المستقبلي الرسمي بين مجموعة "البريكس" ومبادرة الحزام والطريق إلى حدوث تأثيرات عميقة على التجارة والاستثمارات على المستوى الدولي.

دولة الإمارات العربية المتحدة وصعود "القوى المتوسطة"

إن التوسّع الانتقائي في عضوية مجموعة "البريكس" خلال عامي 2024 و2025 يعكس مدى قدرة المجموعة على إعادة تشكيل النظام الدولي، ومن المرجح أن تزداد جاذبيتها في ظل اضطرابات الاقتصاد العالمي الناتجة عن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتبنيه سياسة "الترهيب الاقتصادي" التي قد تؤدي إلى زيادة العزوف عن النموذج الرأسمالي الأمريكي، وتسريع ظهور "القوى المتوسطة" كجهاتٍ فاعلة محورية ضمن مشهدٍ عالمي متعدد الأقطاب وآخذ في التطور.

يُعد مصطلح "القوى المتوسطة" غير دقيق ومثير للجدل، لكنه يُفسَّر عمومًا على أنه يُشير إلى الدول التي تلي القوى العظمى من حيث المكانة، لكنها تملك تأثيرًا اقتصاديًا واستراتيجيًا كبيرًا.[23] وفي الآونة الأخيرة، أصبح هناك قبول متزايد لفكرة أن القوى المتوسطة تشمل أيضًا الدول الصاعدة التي تمتلك نفوذًا اقتصاديًا قويًا بفضل احتياطاتها من الموارد، مثل الطاقة والمعادن الحيوية.[24] ويعكس هذا التفسير تركيبة الدول الشريكة والدول الأعضاء في مجموعة "البريكس"؛ فعلى سبيل المثال، فإن إندونيسيا ونيجيريا المنضمتين حديثًا للمجموعة لديهما رابع أكبر عدد سكان في العالم، حيث يبلغ عدد سكان إندونيسيا (280 مليون نسمة) بينما يبلغ عدد سكان نيجيريا (220 مليون نسمة) مما يجعلها الأكبر في أفريقيا من حيث عدد السكان، وكلاهما يُمثلان سوقين جذابتين للغاية للتجارة والاستثمار في قطاعي النفط والغاز.[25] كما تضم مجموعة "البريكس" خمسة من أكبر 10 منتجين للنفط الخام في العالم وهم: روسيا التي تحتل المرتبة الثالثة، تليها الصين في المرتبة الرابعة، وإيران في المرتبة السابعة، ودولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثامنة، والبرازيل في المرتبة التاسعة.[26] بالإضافة إلى ذلك، تُعد دول "البريكس" من المورّدين الرئيسيين للمعادن الحيوية؛ فعلى سبيل المثال، تُعتبر إندونيسيا أكبر مُنتِجٍ لخام النيكل في العالم، بينما تحتل روسيا المرتبة الثالثة، والصين المرتبة السابعة، والبرازيل المرتبة الثامنة، وكوبا المرتبة التاسعة.[27] كما تُعد دول "البريكس" أيضًا من بين أبرز منتجي خام الحديد في العالم؛ حيث تحتل البرازيل المرتبة الثانية، تليها الصين في المرتبة الثالثة، والهند في المرتبة الرابعة، وروسيا في المرتبة الخامسة، وجنوب أفريقيا في المرتبة الثامنة، وكازاخستان في المرتبة التاسعة، وإيران في المرتبة العاشرة.[28] علاوة على ذلك، فإن دول "البريكس" تلعب دورًا مهيمنًا في إنتاج النحاس عالميًا؛ حيث تحتل الصين المرتبة الثالثة، وروسيا المرتبة السابعة، وإندونيسيا المرتبة التاسعة، وكازاخستان المرتبة الثانية عشرة.[29]

وتُشير هذه القوة المتنامية في مجال الموارد إلى أن القوى المتوسطة، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، تعمل على تطوير قوتها السياسية والاقتصادية لكي يكون لها دور فعّال على الساحة الدولية، وأن عضويتها في مجموعة "البريكس" تُعد وسيلة لإظهار هذه القوة والنفوذ. وتماشيًا مع سمعتها في تبنِّي سياسات حكيمة ومتوازنة، فإن قرار أبوظبي بالانضمام إلى مجموعة "البريكس" لم يكن قرارًا مفاجئًا أو عشوائيًا، بل كان ثمرة جهود تدريجية لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع هذه المجموعة. وقبل انضمامها رسميًا إلى المجموعة في يناير 2024، انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى بنك التنمية الجديد (NDB) في أكتوبر 2021، وشاركت في منتدى "أصدقاء البريكس" في كيب تاون في يونيو 2023، والذي عُقد كجزءٍ من اجتماع وزراء خارجية المجموعة.[30] وبعد ذلك بشهرين، تلقّت حكومة أبوظبي دعوة رسمية للانضمام إلى مجموعة "البريكس"، وقد صرّح سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، قائلًا:

"إن انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة الناجح إلى مجموعة "البريكس" يُشكّل جزءًا من التزامها بتعزيز الحوار البنّاء من خلال منصات فاعلة تُمثّل الاقتصادات النامية والصاعدة، وتركيز الدولة على تحقيق الازدهار الاقتصادي طويل الأمد والحفاظ على علاقات استراتيجية واقتصادية متوازنة – بما في ذلك مع المنظمات الدولية – في ظل نظامٍ عالمي دائم التطور". ومما له دلالة على ذلك، فقد أضاف سموّه قائلًا "إن دولة الإمارات دائمًا ما كانت تؤيد قيمة التعددية في دعم السلام والأمن والتنمية على الصعيد العالمي."[31]

وترى دولة الإمارات أن عضويتها في مجموعة "البريكس" تُتيح لها فرصًا متنوعة لتعزيز علاقاتها التجارية مع دول الجنوب العالمي. وبصفتها واحدة من الدول القليلة التي تُدير رأس مال سيادي يتجاوز تريليون دولار أمريكي، فإن دولة الإمارات تُعد من المساهمين الرئيسيين في بنك التنمية الجديد (NDB).[32] كما أن عضوية دولة الإمارات في مجموعة "البريكس" لا تعني أنها تنوي التحول بعيدًا عن الولايات المتحدة الأمريكية، بل، وفقًا لما ذكره الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة: "أن توجّه دولة الإمارات الاستراتيجي نحو الشرق يهدف إلى تنمية الشراكات مع دولٍ مثل الهند واليابان والصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا".[33] ومن شأن ذلك أن يُعزِّز من مكانة الدولة على الساحة العالمية، ويضمن لها لعب دورٍ متكافئ ومحايد في إطار شراكة قد تواجهها بعض التحديات. ونظرًا لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعد قوة وساطة "محايدة"، فإن لديها الإمكانيات لأداء دورٍ وسيط هام في تسوية النزاعات الدبلوماسية الداخلية لمجموعة "البريكس". كما تجدُر الإشارة إلى أن دولة الإمارات لا ترى أي تعارضٍ بين علاقاتها مع دول الغرب والشرق، ولكنها تُقر بأن المفاهيم الخاطئة المتزايدة بشأن طبيعة ونطاق أنشطة دول الجنوب العالمي قد تُشكل عائقًا كبيرًا أمام تعزيز التعاون البنّاء بين دول الشمال والجنوب. علاوة على ذلك، فإن التعامل مع دول الجنوب العالمي بشكلٍ فعّال يتطلب إدراك دول الشمال العالمي لهذه الحقائق الجيوسياسية المتغيرة والتكيّف معها، مع التركيز على تحقيق المنافع المتبادلة واحترام السيادة الوطنية.

ومن جهة أخرى، فإن عضوية مجموعة "البريكس" تُتيح لدولة الإمارات العربية المتحدة إمكانية التأثير في السياسات العالمية المتعلقة بأمن الطاقة والتنمية المستدامة والتجارة، وتُوفر لها منصة لتعزيز دورها في عمليات اتخاذ القرارات على الصعيد العالمي، والحد من الاعتماد على المؤسسات الغربية. ويؤكد سعادة/ محمد سيف السويدي، المدير العام لصندوق أبوظبي للتنمية، أن "دولة الإمارات لا تُركز على التمويل فحسب، بل تُولي اهتمامًا كبيرًا أيضًا لنقل المعرفة وبناء القدرات من خلال مشاركة خبراتها في قطاعات رئيسية مثل الطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والزراعة وذلك بهدف تسريع عجلة التنمية في دول مجموعة "البريكس".[34] كما تُركز دولة الإمارات بشكلٍ متزايد على القطاعات ذات القيمة العالية، مثل الفضاء والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية، وكذلك القطاع المالي الذي يُعد ضروريًا في تسهيل النشاط الاقتصادي. علاوةً على ذلك، فإن دولة الإمارات تسعى إلى معالجة الفجوة العالمية في البنية التحتية، والتي تبلغ 4 تريليون دولار أمريكي، وذلك من خلال توجيه الاستثمارات إلى مشاريع حيوية مثل الموانئ والمطارات ومراكز الخدمات اللوجستية، مما يُعزز دورها كقوة رائدة في مجال التجارة العالمية.[35] بالإضافة إلى ذلك، فإن عضوية دولة الإمارات في مجموعة "البريكس" ستُسهم في تقليل الاعتماد على الشراكات الاقتصادية الأخرى، فضلاً عن تمكينها من تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن قطاع الطاقة، وهو أمرٌ ضروري لتحقيق هدف الدولة المُتمثل في مضاعفة الدخل الوطني بحلول عام 2030. ومن جانبه، أكد سعادة/ يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية، أن انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة "البريكس" يتماشى مع رؤية "نحن الإمارات 2031" التي تهدف إلى ترسيخ مكانة الدولة كلاعبٍ رئيسي في مجال التعاون الاقتصادي العالمي.[36]

الخاتمة

تُشير التحليلات الواردة في هذه المقالة البحثية إلى أن رسالة مجموعة "البريكس" تكتسب زخمًا متزايدًا في جميع أنحاء دول الجنوب العالمي، مما قد يؤدي إلى توسعها بشكلٍ متزايد في المستقبل. وتعود الشعبية المتزايدة لهذه المجموعة إلى أنها تُوفر منبرًا يمكن من خلاله سماع أصوات القوى المتوسطة بشكلٍ فردي وجماعي. كما يوجد اعتقاد بأنه مقارنةً بالقوى العظمى الصاعدة كالصين والهند، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد حالة من التراجع، حيث تُعاني من وجود خلافاتٍ سياسية وانقسامات اجتماعية وأوجه قصورٍ هيكلية وتقودها نخبة سياسية ذات عقلية ضيقة الأفق. وفي السياق ذاته، فإن هناك اعتقاد موازٍ بأن التفوق النسبي المتزايد لكلٍ من الصين والهند في مجالات الرقمنة، ونُظم المعلومات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، سيوفّر وصولًا أكثر فاعلية إلى هذه التقنيات. وقد أدى ذلك إلى وجود حالة من التفاؤل بأن مجموعة "البريكس" القوية قادرة على تجاوز الحواجز المتعلقة بنقل التكنولوجيا، والتي يُعتقد بأن المؤسسات الغربية متعددة الجنسيات قد أقامتها، ومن ثم الإسهام في "رفع مستوى" القدرات الصناعية بين دول الجنوب والشمال.

وعلى الرغم من أن عضوية مجموعة "البريكس" قد تكون لها آثار سلبية محتملة على الغرب، وذلك وفقًا للرأي السائد بأن توسيع المجموعة يُمثل تحديًا لمجموعة السبع (G7)، فإن الواقع يُشير إلى أن هذه المجموعة الموسعة ستُشبه إلى حدٍ كبير مجموعة العشرين (G20) غير المتماسكة، والتي تعمل بدون وجود أمانة عامة لها أو سلطة قانونية لاتخاذ القرارات، وغالبًا في ظل عدم وجود توافقٍ وإجماعٍ بين أعضائها. وفي حال تطوّرت مجموعة "البريكس" على هذا النحو المشابه لمجموعة العشرين، لا سيّما مع اقتران ذلك بتباينٍ للمواقف بين أعضائها، فمن المرجّح أن يؤدي ذلك إلى غياب التوافق بشأن سياساتها، وانحراف التوجّه العام لسياساتها الخارجية.

وفي إطار جهودها للحفاظ على علاقاتٍ ودّية مع كلٍ من موسكو وبكين من ناحية وواشنطن من ناحية أخرى، فإن دولة الإمارات تُدرك تمامًا مدى ضرورة اتباعها لنهجٍ متوازن وذلك لتجنّب فقدان الثقة وصداقاتها مع الدول الغربية. وبناءً على ذلك، فإن حكومة أبوظبي تُشدِّد على ضرورة الحذر الدبلوماسي، وإعطاء الأولوية لما وصفه وزير الخارجية "بالعلاقات الاستراتيجية والاقتصادية المتوازنة". كما يجب تبنّي نهجًا يستند إلى التصالح والتوافق والتعاون، مما يضع الدولة في موقعٍ وسطي ومتزن بين المواقف الحادة لدول الجنوب ودول الشمال العالمي. وعلى الرغم من ذلك، فلن يكون من السهل تبنِّي الدبلوماسية المحايدة في ظل إصرار واشنطن على الحفاظ على الوضع الراهن، وخطاب موسكو المُعادي للغرب ردًا على عزلها القسري ووضعها كدولة منبوذة.

من ناحية أخرى، فإنه ينبغي لدولة الإمارات اتباع نهجٍ دبلوماسي متوازن في التعامل مع ادعاء الصين بأنها تُمثل صوت دول الجنوب العالمي، في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى ضم مزيدٍ من الشركاء الموالين لها إلى مجموعة "البريكس"، مما يخلق خطرًا يتمثل في انحراف المواقف السياسية لصالح الأهداف الاستراتيجية لبكين. كما يتعين على دولة الإمارات المواءمة بين أولوياتها الاقتصادية والسياسية المتنوعة المرتبطة بعضويتها في مجموعة "البريكس" وبين احتمالات حدوث خلافات معها من جانب حلفائها الغربيين، حيث يُنظّر إلى السياسة الخارجية المعاصرة لدولة الإمارات على أنها تُمثل تحولًا عن شراكاتها التقليدية مع الدول الغربية. ومن شأن هذا النهج العملي الذي تتبعه دولة الإمارات أن يُساعد في التعامل مع هذه الديناميات المتضاربة، وذلك في سبيل تعزيز نظامٍ عالمي متعدد الأقطاب وأكثر عدلًا. كما أن إقامة علاقاتٍ استراتيجية واقتصادية متوازنة في مجموعة "البريكس" الموسّعة سيُمثل تحديًا يتطلب حكمة سياسية من دولة الإمارات، وهي سمة لطالما أثبتت الدولة امتلاكها بدرجةٍ كبيرة خلال العقود الأخيرة التي تبنّت فيها مبدأ الدبلوماسية "المحايدة".


بيان إخلاء المسؤولية:

الآراء والأفكار الواردة في سلسلة منشورات "رؤى وآراء" تعبر عن وجهات نظر كتّابها فقط، ولا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية أو موقف مركز ربدان للأمن والدفاع أو أي من الجهات التابعة له أو أي جهة حكومية. يُنشر هذا المحتوى لأغراض إعلامية، ويعكس الرؤى الشخصية للمؤلفين حول مواضيع متنوعة تتعلق بالأمن والدفاع.


[1] Ferragamo, Mariel, ‘What Is the BRICS Group and Why Is It Expanding?’ Council on Foreign Relations (December 12, 2024). What Is the BRICS Group and Why Is It Expanding? Council on Foreign Relations.

[2] ‘IN 2010 BRICS was Established Including South Africa,’ The Banking Association South Africa (October 8, 2015). IN 2010 BRICS WAS ESTABLISHED INCLUDING SOUTH AFRICA

[3] Norton, Ben, ‘BRICS grows, inviting 13 new ‘partner countries’ at historic summit in Kazan, Russia,’ Geopolitical Economy (October 26, 2024). BRICS grows, inviting 13 new ‘partner countries’ at historic summit in Kazan, Russia - Geopolitical Economy Report

[4] Stewart, Patrick and Hogan, Erica, ‘BRICS Expansion and the Future of World Order: Perspectives from Member States, Partners, and Aspirants,’ Carnegie Endowment for International Peace (March 31, 2025). BRICS Expansion and the Future of World Order: Perspectives from Member States, Partners, and Aspirants | Carnegie Endowment for International Peace

[5] Papa, Mihaela, ‘The Magnetic Pull of BRICS,’ Africa Policy Research Institute (December 3, 2024). The magnetic pull of BRICS - Africa Policy Research Institute (APRI).

[6] Norton, Ben, ‘BRICS grows, inviting 13 new ‘partner countries’ at historic summit in Kazan, Russia,’ Geopolitical Economy (October 26, 2024). BRICS grows, inviting 13 new ‘partner countries’ at historic summit in Kazan, Russia - Geopolitical Economy Report

[7] Ibid.

[8] ‘The Premier Bank for Emerging Economies,’ New Development Bank (u/d). About NDB - New Development Bank

[9] Scaling Up Development Finance for a Sustainable Future, New Development Bank General Strategy for 2022-26, (2022). NDB_StrategyDocument_eVersion.pdf

[10] Ryanto, Abby, ‘The BRICS bloc is growing — and Trump’s tariff threat isn’t expected to put off aspiring members,’ CNBC (January 17, 2025). The BRICS bloc is growing — and Trump’s tariff threat isn’t expected to put off aspiring members

[11] Crowe, Chris, ‘BRICS expansion into payment systems poses threat to dominance of US dollar,’ Guardian Business (January 13, 2025). BRICS expansion into payment systems poses threat to dominance of US dollar | The Guardian

[12] ‘BRICS in 2025: Brazil to Set the Key Priorities,’ Joint Ministries of Foreign Affairs of the BRICS Member States (January 9, 2025). BRICS in 2025: Brazil to Set the Key Priorities

[13] Holtzmann, Hans-Dieter and van der Voort, Akim,   ‘BRICS - What are the key issues for 2025?,’ Friedrich Naumann Foundation (January 28, 2025). BRICS: BRICS 2025

[14] The Intel Drop, ‘Beyond Scepticism: Understanding the Role of Brics+ in Global Progress’ (January 20, 2025). Beyond Scepticism: Understanding the Role of Brics+ in Global Progress - THE INTEL DROP

[15] Ibid.

[16] Al-Kebi, Ebtesam, ‘The UAE’s BRICS Membership: A Growing Role for the Global South,’ Valdai (February 6, 2024). The UAE’s BRICS Membership: A Growing Role for the Global South — Valdai Club

[17] The Intel Drop, ‘Beyond Scepticism: Understanding the Role of Brics+ in Global Progress’ (January 20, 2025). Beyond Scepticism: Understanding the Role of Brics+ in Global Progress - THE INTEL DROP

[18] Huland, Gabriel, ‘Brics: growth of China-led bloc raises questions about a rapidly shifting world order,’ The Conversation (January 29, 2025). Brics: growth of China-led bloc raises questions about a rapidly shifting world order

[19] Ibid.

[20] ‘Major Infrastructure Investments by BRICS: Projects Reshaping Geopolitics and Global Supply Chains,’ BRICS Today (March 9, 2025). Major Infrastructure Investments by BRICS: Projects Reshaping Geopolitics and Global Supply Chains - BRICS TODAY

[21] Ibid.

[22] Huland, Gabriel, ‘Brics: growth of China-led bloc raises questions about a rapidly shifting world order,’ The Conversation (January 29, 2025). Brics: growth of China-led bloc raises questions about a rapidly shifting world order

[23] Elliot, David, ‘Middle powers: what are they and why do they matter?’ World Economic Forum (January 26, 2024). What are middle powers and why do they matter? | World Economic Forum

[24] Ibid.

[25] Holtzmann, Hans-Dieter and van der Voort, Akim,   ‘BRICS - What are the key issues for 2025?,’ Friedrich Naumann Foundation (January 28, 2025). BRICS: BRICS 2025; Indonesia in BRICS: Power Shift in South East Asia, BRICS Today (February 26, 2025). Indonesia in BRICS: Power Shift in South East Asia - BRICS TODAY

[26] Norton, Ben, ‘, ‘BRICS expands with new partner countries. Now it’s half of world population, 41% of global economy,’ Geopolitical Economy (December 25, 2024). BRICS expands with new partner countries. Now it’s half of world population, 41% of global economy - Geopolitical Economy Report

[27] Ibid.

[28] Venditti, Bruno and Parker, Sam, ‘Visualizing the World’s Largest Iron Ore Producers,’Visual Capitalist (October 11, 2022). Visualizing the World’s Largest Iron Ore Producers

[29] Venditti, Bruno and Dander, Alejandra, ‘Ranked: The World’s Largest Copper Producers,’ Visual Capitalist (December 1, 2022). Ranked: The World’s Largest Copper Producers

[30] ‘UAE Engages in BRICS Meeting to Foster Global Financial Cooperation 2024,’ AHG (u/d). UAE Engages in BRICS Meeting to Foster Global Financial Cooperation 2024

[31] ‘United Arab Emirates Joins BRICS Group,’ UAE Ministry of Foreign Affairs (August 28, 2023). United Arab Emirates joins BRICS Group

[32] Al-Kebi, Ebtesam, ‘The UAE’s BRICS Membership: A Growing Role for the Global South,’ Valdai (February 6, 2024). The UAE’s BRICS Membership: A Growing Role for the Global South — Valdai Club

[33] Ibid.

[34] ‘UAE Leverages BRICS Membership to Boost Global Trade Resilience, Infrastructure Leadership,’ The Intel Drop (February 14, 2025). UAE Leverages BRICS Membership to Boost Global Trade Resilience, Infrastructure Leadership - THE INTEL DROP

[35] ‘UAE Leverages BRICS Membership to Boost Global Trade Resilience, Infrastructure Leadership,’ The Intel Drop (February 14, 2025). UAE Leverages BRICS Membership to Boost Global Trade Resilience, Infrastructure Leadership - THE INTEL DROP

[36] Mayyeria, Shahba, ‘UAE’s BRICS Membership: A Strategic Move for Global Economic Cooperation,’ Focus (April 16, 2025). UAE’s BRICS Membership: A Strategic Move for Global Economic Cooperation

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

An error has occurred. This application may no longer respond until reloaded. Reload 🗙