أزمة الشحن في البحر الأحمر: لمحة عن مكامن القوة والضعف في الدفاع البحري المُعاصر

يوناردو جاكوبو ماريا مازوكو

منذ منتصف نوفمبر 2023، شنت الجماعة المُتمردة أنصار الله اليمنية، المعروفة باسم الحوثيين، مئات الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، مما شكل تهديداً لمبادئ حرية الملاحة واستمرار تدفق التجارة البحرية.[1] وللتصدي لمزيج معقد من التهديدات التقليدية والهجينة الصادرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن واستعادة سلامة الممرات الملاحية الدولية، شكلت الدول الغربية تحالفات بحرية ونشرت عدداً كبيراً من القطع البحرية في المنطقة.[2] سلطت الاشتباكات المسلحة بين الحوثيين والزوارق البحرية الغربية الضوء على نقاط القوة والضعف في أنظمة الدفاع البحري الحديثة.

القدرات القتالية المُثبتة

شهدت أنظمة الدفاع الجوي البحرية الغربية تقدمًا ملحوظًا تجلى في نجاحها العملياتي خلال المواجهات القتالية الأخيرة، مما يؤكد تطور أنظمة المضادات الجوية (AAW) وموثوقية الأداء في الظروف القتالية الحقيقية.

في 21 مارس 2024، أسقطت فرقاطة فرنسية من طراز FREMM، تعمل في جنوب البحر الأحمر ضمن عملية "أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي، ثلاثة صواريخ باليستية أطلقها الحوثيون.[3] ولم تُفصح البحرية الفرنسية عن نوع الذخيرة المُستخدمة في العملية. ومع ذلك، فإن خبراء القوة البحرية مقتنعون بأن صواريخ سطح-جو بعيدة المدى من طراز استر 30 "Aster "30 كانت على الأرجح متورطة في عملية إسقاط الطائرة، مما يمثل أول استخدام عملياتي لصاروخ "استر 30" في القتال.[4] ينتج اتحاد شركات MBDA الأوروبية طرازات من صواريخ أستر، بما في ذلك صاروخ أستر 15 ذو المدى القصير إلى المتوسط. تجمع صواريخ أستر بين القدرة العالية على المناورة تحت تأثير قوى الجاذبية العالية (التي تشمل مناورات قوة الجاذبية ذات التسارع العالي)، والوقت القصير بين التحضير للاشتباك والإطلاق، والتوجيه الراداري النشط عالي الأداء، لتجعلها حلاً متكاملاً للدفاع الجوي مع قدرة غير مسبوقة على إصابة الأهداف والقتل.[5]


في 9 أبريل 2024، نجحت سفينة حربية من طراز كورفيت "ساعر 6" التابعة للبحرية الإسرائيلية في استخدام نظام الدفاع الجوي سي دوم "القبة الحديدية" C-DOME التي تصنعه شركة رافائيل بإسقاط مقذوف جوي معادٍ في جنوب إسرائيل، مسجلة أول عملية إسقاط قتالي على الإطلاق للنسخة البحرية من نظام اعتراض القبة الحديدية.[6] يُعد نظام القبة الحديدية C-DOME منظومة بحرية معيارية تُركَّب على السفن، وتوفر تغطية شاملة بزاوية 360 درجة للدفاع الذاتي وحماية المنطقة من التهديدات الجوية المتنوعة، بما في ذلك صواريخ كروز، والمقذوفات المدفعية، والطائرات بدون طيار (UAVs).[7] أصبح من الممارسات المعتادة في البحرية الإسرائيلية تعزيز شبكة الدفاع الجوي لفئات كورفيت 'ساعر 6' عبر دمج نظامي القبة الحديدية C-DOME على متنها، مما يُكمل خلايا الإطلاق العمودية الـ 32 (VLCs) الخاصة بصواريخ 'باراك 8' سطح-جو، إلى جانب 40 صاروخ معترض من نوع 'تمير'."[8]

وسط الهجوم الجوي الواسع النطاق الذي شنته إيران ضد إسرائيل في 14 أبريل 2024، نجحت مدمرتان من فئة أريلي بيرك التابعتين للبحرية الأمريكية – السفينة يو إس إس أريلي بيرك والسفينة يو إس إس كارني – في إسقاط صواريخ باليستية إيرانية باستخدام صواريخ RIM-161 ستاندرد 3 (SM-3) المعترضة، مما يمثل أول إسقاط قتالي لصواريخ SM-3. كانت المدمرتان مزودتين بأحدث الحلول من ترسانة الدفاع المُضادة للصواريخ الباليستية الأمريكية: نظام دفاع الصواريخ الباليستية Aegis (BMD) ورادار نوع SPY-1D.[9] يُعد صاروخ SM-3 صاروخاً معترضا يتجاوز الغلاف الجوي مصمماً لتحييد الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى خلال مرحلة المسار الوسطي باستخدام رأس حربي حركي.[10] بمعنى آخر، يعترض صاروخ SM-3 الهدف المعادي تقريباً عند قمة مسار رحلته الصاعدة خارج الغلاف الجوي للأرض ويدمره من خلال الاصطدام المباشر. لقد اختبرت البحرية الأمريكية بنجاح صواريخ SM-3 عشرات المرات في بيئات خاضعة للرقابة. ومع ذلك، فقد أثبتت أن سفنها الحربية القادرة على الدفاع ضد الصواريخ الباليستية فعاليتها في القتال مما يُعزِّز الثقة في نظام الأسلحة.

بالإضافة إلى نجاح حلول الصواريخ، أتيحت أيضًا لبعض الأنظمة الدفاعية الأخرى المدمجة في السفن فرصة إثبات قيمتها التعبوية وموثوقيتها في ظل ظروف القتال الشديدة جداً. تتضمن هذه الحلول الدفاعية على: الأسلحة النارية، والطائرات العمودية المحمولة على متن السفن، وأنظمة التشويش.

في 30 يناير 2024، استخدمت المدمرَة الأمريكية يو إس إس من طراز أريلي بيرك جرافلي منظومات أسلحة الاشتباك القريبة MK 15 فالانكس (CIWS) لتدمير صاروخ كروز المضادة للسفن من قبل الحوثيين على بُعد ميل بحري واحد من السفينة القتالية، مما يمثل أول عملية إسقاط قتالي باستخدام منظومة أسلحة الاشتباك القريبة منذ بداية حملة الحوثيين ضد السفن.[11]


تُعد منظومة أسلحة الاشتباك القريبة فالانكس رشاش اتوماتيكي معترض ضمن المدى القصير ويستخدم النيران السريعة – بحيث تصل سرعة الإطلاق إلى 4,500 طلقة في الدقيقة – لتحييد التهديدات القادمة.[12] وهو يمثل أقرب خطوط تصميم الدفاعات الجوية متعددة الطبقات للسفينة الحربية، حيث يتم تفعيلها عندما يتجاوز أو يخترق الهدف المعادي الدفاعات الخارجية.

أثناء دوريتها في البحر الأحمر، قامت المدمرة الإيطالية من فئة "أندريا دوريا"، "كايو دوليو"، في 2 مارس 2024، بتدمير طائرة مسيّرة حوثية على بُعد 6 كيلومترات من السفينة الحربية.[13] تم إسقاط الطائرة المُسيَّرة بواسطة المدفع البحري OTO Melara 76/62 Super Rapid Gun Mount – سريع الإطلاق.[14] وبالرغم أنه قد صُمم أساساً لأدوار ضد الطائرات، وضد السفن، والدعم الأرضي، إلا أن مدفع 76 ملم يمكن أن يُؤدي وظائف دفاعية قصيرة المدى مضادة للصواريخ /الطائرات بدون طيار عند تزويده بالقذائف الموجهة من نوع DART.[15] ويستخدم حالياً من قبل عشرات الدول في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، حيث عزز إسقاط الطائرة المسيّرة سمعة المدفع الراسخة باعتباره المدفع البحري الأفضل على الإطلاق.

في 20 مارس 2024، أسقطت طائرة عمودية تابعة للبحرية الفرنسية طائرة مسيرة تابعة للحوثيين باستخدام رشقات نارية من مدفع رشاش، مسجلة الظهور القتالي الأول للمدفع الرشاش المثبت على الأبواب في دور ضد الطائرات المسيرة في إطار العمليات التعرضية في البحر الأحمر.[16] تم استخدام إما طائرة يوروكوبتر AS565 بانثر أو طائرة NHIndustries NH90 – الطائرات المروحية التي عادة ما يتم حملها على السفن القتالية الرئيسية للبحرية الفرنسية – في هذا الاشتباك. عادةً ما تحمل طائرتان هليكوبتر عسكريتان متعددة المهام مدافع رئيسية من عيار كبير، وصواريخ، وحتى رشاشين من عيار 7.62 مم مثبتين على الأبواب. وأثبتت هذه العملية الناجحة للطائرات المروحية ضد الطائرات المسيرة أن المدافع الرشاشة صغيرة العيار تمثل أسلوباً تعبوياً فعالاً وقليل التكلفة للقضاء على خطر التهديدات الجوية بطيئة السرعة.

في أكتوبر 2024، نشرت فرقاطة فريم FREMM الفرنسية متعددة المهام منظومتين مضادتين للطائرات المسيرة (C-UAS)– Neptune وMAJES DB6 – لإسقاط طائرة مسيرة حوثية في البحر الأحمر. تم تركيب هذه المنظومات المضادة للطائرات المُسيَّرة بسرعة على السفن القتالية من الدرجة 1التابعة للبحرية الفرنسية، وذلك بعد أن أثبتت كفاءتها وأظهرت نتائج واعدة خلال تمرين التصدي للطائرات المسيرة 'وايلدلايف' في سبتمبر 2024.[17]


لا يُعد التركيب السريع لأنظمة C-UAS حدثاً معزولاً، بل يمثل أحدث تجسيد لتحول أوسع في إستراتيجية البحرية الفرنسية لتعزيز استعداد وجاهزية الأسطول لمواجهة التهديدات الجوية والبحرية الناشئة والمتطورة.[18] شملت هذه التدابير تسريع نشر التقنيات الجديدة في العمليات وتسريع تركيب الحلول المستندة إلى الاستفادة من التجارب السابقة (RETREX) من قبل الأفراد العسكريين المنتشرين في البحر الأحمر، كما حدث في مارس 2024 مع قرار تركيب النظام المتقدم للصور الكهروضوئية بالأشعة تحت الحمراء (EO/IR) Paseo XLR على جميع السفن الحربية الرئيسية التابعة للبحرية الفرنسية.[19]

كما سعت البحرية الفرنسية إلى تعزيز استعدادها للتصدي للطائرات المسيرة من خلال التدريب المُكثَّف. ومنذ منتصف عام 2023، قامت البحرية الفرنسية بإجراء تدريبات بحرية منتظمة مُضادة للطائرات المسيرة المُعادية للقضاء على تهديدات الطائرات/الزوارق المُسيَّرة باستخدام مزيج من الأسلحة الآلية المثبتة على السطح، ومدافع رشاشة ثقيلة، وبنادق مصممة لتطلق ذخيرة مضادة للطائرات المسيرة الخفيفة (ALDA).[20]

الجدول 1. الصواريخ الرئيسية المستخدمة مع السفن القتالية الأمريكية، والأوروبية، والإسرائيلية


الصاروخ

المدى العملياتي بالكيلومتر    

الدول المستخدمة         

تكلفة الوحدة بالمليون دولار أمريكي

أستر 15

30

ITA, FR, UK

1.1

أستر 30

100

ITA, FR, UK

2

Tamir

70

IL

0.05

Barak-8

100

IL

0.55

SM-2 Block IIIC

165

U.S

2.5

RIM-161 SM-3

2,500

U.S

12,5 (Block IB) – 28,7 (Block IIA)

SM-6 Block

370

U.S

4,2 (Block IA) – 8,5 (Block IB)

RIM-162 ESSM

50

U.S., DE, EL, NL

1.5



المصدر: بيانات أعدها المؤلف.

القيود الصعبة

على الرغم من التدابير العسكرية العديدة الناجحة للتصدي للحوثيين، فقد كشفت أزمة البحر الأحمر أيضاً عن ثلاث نقاط ضعف رئيسية تعيق قدرات وجاهزية القوات البحرية الغربية: وهي سعة مخزن الصواريخ، وعطل النظام، والنيران الصديقة.

سعة مخزن الصواريخ

لقد أصبح نقص القدرات السريعة لإعادة التسليح في البحر هو العائق والقصور الأكثر إثارة للقلق في الدفاع الجوي الذي يعتمد على السفن. عند العمل في بيئات الدفاع الجوي المشبعة، من المحتمل أن تستنفد السفن القتالية البحرية سعة مخزن الصواريخ في خزائن وعبوات نظام الإطلاق العمودي (VLS) بوتيرة أسرع. تتمثل العقيدة المُتبعة في معظم القوات البحرية عند التصدي للتهديدات الجوية القادمة في إطلاق أكثر من صاروخ معترض لزيادة فرص القضاء على التهديد. لذلك، كلما نفد مخزون السفينة الحربية من الصواريخ بسرعة بسبب الهجمات المعادية، أصبحت قدرتها على تنفيذ العمليات المستدامة بشكل مستقل في المياه المتنازع عليها أضعف.


إن عدم إمكانية إجراء إعادة تزويد حاويات وعبوات نظام الإطلاق العمودي (VLS) في البحر يترتب عليه نقطتان هامتان: أولاً، يُجبر السفينة الحربية على تقصير فترة انفتاحها المخطط لها. ثانياً، عند مغادرة السفينة الحربية القتالية مسرح العمليات للوصول إلى ميناء آمن للتزود بالإمدادات، يؤدي غيابها عن المنطقة إلى خلق فجوات أمنية في المنطقة العملياتية.

الجدول 2. قدرات الحرب الجوية المضادة للسفن الرئيسية لدى الولايات المتحدة، وأوروبا، وإسرائيل




الدولة

الفئة

التصنيف

عدد الخلايا الصاروخية لنظام الإطلاق العمودي

فرنسا

هوريزون Horizon

مدمرة

48

أكيتاين Aquitaine (FREMM)

فرقاطة

16-32

ألمانيا

ساكسن Sachsen

فرقاطة

32

اليونان

هيدرا Hydra

فرقاطة

32

إسرائيل

ساعر 6 Sa’ar 6

كورفيت Corvette

32 و40

ايطاليا

هوريزون Horizon

مدمرة

48 (+16)

بيرغاميني Bergamini (FREMM)      

فرقاطة

16

هولندا

إيفر هويتفيلدت Iver Huitfeldt      

فرقاطة

44

المملكة المتحدة

دارين Daring

مدمرة صواريخ موجهة

48

U.S

أرلي بيرك Arleigh Burke 

مدمرة صواريخ موجهة

90-96

المصدر: بيانات أعدها المؤلف.

إدراكًا للمخاطر المُرتبطة بسعة مخزن الصواريخ المحدودة، والتصميم على تعزيز المرونة العملياتية للسفن القتالية، تقوم القوات البحرية الغربية بالبحث عن تدابير ملموسة لسد هذه الفجوة في القدرات. ولتلبية هذه الحاجة، أجرت البحرية الأمريكية عملية نقل حاوية فارغة لنظام الإطلاق العمودي (VLS) بين سفينة الدعم الأمريكية USNS Washington Chambers وطراد من طراز Ticonderoga USS Chosin قبالة ساحل سان دييجو في كاليفورنيا في منتصف أكتوبر 2024. خلال الاختبار، كانت الأنظار مركزة على نظام طريقة إعادة التزود بالذخيرة القابل للنقل في البحر "Transferable Reload At-sea Method (TRAM)"، ووهي معدات لإعادة التحميل السريع تم تطويرها بواسطة مركز أنظمة الحرب السطحية البحرية التابع للبحرية الأمريكية، قسم بورت هينيمي في كاليفورنيا.[21] يتألف نظام TRAM الذي سيتم تركيبه على السفن المُساندة من نظام رافعة قادر على رفع وتحريك حاوية صاروخية عمودياً قبل وضعها في خلية الإطلاق.[22] في تعليقه على اختبار إعادة التزود بالذخيرة في البحر، وصف كارلوس ديل تورو، وزير البحرية الأمريكي، نظام TRAM (طريقة إعادة التزود بالذخيرة القابلة للنقل في البحر) بأنه تكنولوجيا "مغيرة للعبة"[23]، مما يُعزز قدرة البحرية الأمريكية على تنفيذ العمليات المستمرة في المناطق الأمامية تحت ظروف عالية الكثافة.


على غرار حليفها الأطلسي، حققت البحرية الفرنسية أيضاً تقدماً في اختبار قدرات إعادة التزود بالذخيرة وإعادة تحميل خلايا نظام الإطلاق العمودي (VLS) في البحر. في مايو 2024، قامت سفينة الإمداد جاك شوفاليه وحاملة الطائرات شارل ديجول بتنفيذ عمليات نقل وتخزين لصاروخ أستر أثناء الإبحار في البحر. تم استخدام رافعة مثبتة على شاحنة على سطح حاملة الطائرات لوضع الصاروخ في خلية نظام الإطلاق العمودي.[24] بعد شهر، قامت السفينة جاك شوفاليه باختبار إعادة التزود مع الفرقاطة لورين Lorraine من فئة آكيتاين Aquitaine. هذه المرة، شاركت رافعة السفينة المساندة في عملية تخزين حاوية صاروخ نظام الإطلاق العمودي (VLS).[25]

ومع ذلك، على الرغم من أن هذه الاختبارات تظهر تقدماً رائعاً في قدرات إعادة التزود بالذخيرة في البحر، إلا أن إعادة تحميل حمولات الصواريخ في المياه المفتوحة ليست حلاً عاماً يناسب جميع الحالات.[26] عملاً بنظام TRAM كمثال، هناك ثلاثة عوامل رئيسية تحول دون نشره على المدى القصير والمتوسط. أولاً، على الرغم من النتائج الواعدة التي ظهرت خلال الاختبارات على اليابسة وفي البحر، لا يزال نظام TRAM في مرحلة النموذج الأولي. وفقاً لوزير البحرية الأمريكي، كارلوس ديل تورو، فإن نشره سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات. ثانياً، في شكله الحالي، تم تصميم نظام TRAM لتنفيذ عمليات إعادة التزود في ظروف جوية معتدلة حتى حالة البحر من الفئة الخامسة (شدة الرياح بين 17 و21 عقدة والأمواج قد تصل إلى ست أو ثماني أقدام). أخيراً، يثير نشر السفن المساندة القادرة على إعادة تحميل خلايا نظام الإطلاق العمودي (VLS) في البحر ضرورة ضمان أمنها من خلال سفن حربية مرافقة.

تعطل النظام

أنظمة الدفاع الذاتي متعددة المستويات أساسية لبقاء السفن وسلامة أفراد الطاقم في حالة حدوث عطل أو فشل في النظام. لقد أظهر اشتباكان بين الحوثيين وقوات التحالف الغربي كيف أن توفر أنظمة دفاع ذاتي متعددة يشكل الفارق بين الحياة والموت في مناطق القتال.

أولاً، تعرضت الفرقاطة الهولندية من فئة إيفر هويتفيلدت نيلس جول لخلل في أنظمة الأسلحة أثناء اشتباكها مع سرب طائرات مسيرة حوثية في مارس 2024. على الرغم من أن السفينة الحربية أسقطت الأهداف المعادية، فإن فشل النظام دفع البحرية الهولندية إلى سحب نيلس جول فوراً من المنطقة.[27] ثانياً، إن نشر نظام الفالانكس CIWS من قبل المدمرة الحربية USS Gravely لمواجهة صاروخ كروز المعادية ليس مثالياً ويعكس وجود ثغرة محتملة في دفاعات المدمرة الخارجية.

 استخدام أنظمة الصواريخ والمدافع البحرية ذات العيار الكبير بدلاً من نظام الفالانكس CIWS لإسقاط التهديدات عالية السرعة هو الممارسة المعتادة بالفعل. على الرغم من أن نظام الفالانكس مؤهل لأدوار مضادة للصواريخ، إلا أنه ليس السلاح المفضل للتصدي للصواريخ المعادية القادمة نظراً لنطاقه العملياتي المحدود، مما يجعله فعالاً جداً ضد الأهداف المعادية التي تطير بسرعات أقل نسبياً.


النيران الصديقة (الخطأ في تحديد الأهداف)

على الرغم من وقوع حادثتين فقط من حوادث النيران الصديقة على مدى أكثر من عام من العمليات البحرية، فإن هذه الأحداث تُؤكد أن خطر الخطأ في تحديد هوية الهدف مرتفع في الحرب. في 26 فبراير 2024، حددت الفرقاطة الألمانية من فئة ساكسن (هيسن) عن طريق الخطأ ا طائرة مسيرة MQ-9 Reaper أمريكية على أنها تهديد معادٍ، وبعد التنسيق مع حلفاء التحالف، أطلقت صاروخين SM-2 نحوها. لحسن الحظ، فشلت تدابير الفرقاطة المضادة في إصابة الطائرة المسيرة الأمريكية.[28] من دون شك، فإن تحليق الطائرة المسيرة MQ-9 Reaper مع إيقاف إشارات تحديد هوية الهدف صديق أو معادي(IFF) زاد من الارتباك. ومع ذلك، يرى خبراء البحرية أن أنظمة الرادار القديمة للبحرية الألمانية تتحمل جزءًا من المسؤولية عن محاولة إسقاط الطائرة، مشيرين إلى أن أنظمة الرادار الحديثة كان بإمكانها التعرُّف على الطائرة المُسيَّرة القادمة على أنها طائرة صديقة بناءً على بصمتها الكهرومغناطيسية.[29] في 21 ديسمبر 2024، أسقط طراد الصواريخ الموجهة من فئة تيكونديروجا USS Gettysburg، الذي يعمل كسفينة مرافقة في مجموعة حاملات الطائرات USS Harry S. Truman، طائرة مقاتلة F/A-18 Super Hornet من سرب المقاتلات 11 الذي كان على متنها، في حادث نيران صديقة فوق البحر الأحمر. تمكن الطياران من القفز بالمظلة بنجاح قبل الاصطدام، مع وجود إصابات طفيفة فقط.[30] تُظهر الحادثتان مدى الحاجة الملحة لتعزيز الهياكل هياكل القيادة والسيطرة، وزيادة الوعي بالموقف البحري، خاصة عندما يتم نشر قطع بحرية متعددة تابعة لقوات التحالف في بيئات عملياتية عالية الكثافة، مع وجود مخاطر مستمرة من هجمات أسراب متعددة المجالات.

الاستنتاجات

لقد عززت الاعتراضات العملياتية الأولى التي حققتها القوات البحرية للتصدي للحوثيين الثقة في الفعالية القتالية لحلول الدفاع الجوي الحديثة. ومع ذلك، فإن تجربة البحر الأحمر لا تزال بعيدة عن اعتبارها قصة نجاح كاملة. عند مواجهة الحوثيين، أدرك حلفاء التحالف الغربي للفجوات التي تثير المخاوف بشأن القدرات والتحديات متعددة الجوانب للعمل في بيئة دفاع جوي مشبعة. يُعتبر استخلاص الدروس المستفادة ودمج الحلول الفعَّالة بسرعة أمر بالغ الأهمية للقوات البحرية التي تسعى لمواجهة مزيج من التهديدات التقليدية والناشئة في المجالات الجوية والبحرية. تتزايد الحاجة لهذا الإجراء بالنظر إلى أن التهديد الحوثي – على الرغم من كونه خبيثًا وقاتلًا – يقع بين المنخفض والمتوسط في نطاق التهديد من حيث القدرات. يجب على القوات البحرية الغربية تبني حلول عالية الأداء للتصدي للتهديدات من خصوم دوليين ذوي قدرات مماثلة في الصراعات المستقبلية عالية المستوى. تشمل هذه الحلول تكثيف التدريبات لمواجهة التهديدات الهجينة، وتوسيع استخدام الصواريخ صغيرة الحجم التي يمكن تعبئتها في خلية واحدة لنظام الإطلاق العمودي (VLS) (مثل RIM-162 ESSM)، وتسريع نشر تقنيات التصدي للطائرات المُسيرة وتقنيات إعادة التزود بالذخيرة في البحر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] Michael Knights, “A Draw Is a Win: The Houthis After One Year of War,” Combatting Terrorism Center at West Point, vol. 17, no. 9, October 2024, https://ctc.westpoint.edu/a-draw-is-a-win-the-houthis-after-one-year-of-war/.

[2] U.S. Department of Defense, “Statement from Secretary of Defense Lloyd J. Austin III on Ensuring Freedom of Navigation in the Red Sea,” 18 December 2023, https://www.defense.gov/News/Releases/Release/Article/3621110/statement-from-secretary-of-defense-lloyd-j-austin-iii-on-ensuring-freedom-of-n/; Leonardo Jacopo Maria Mazzucco, “Operation Aspides: The European Union’s Response to the Red Sea Crisis,” The Arab Gulf States Institute in Washington, 3 April 2024, https://agsiw.org/operation-aspides-the-european-unions-response-to-the-red-sea-crisis/.

[3] Harry Papachristou, “French frigate repels Houthi missile salvo targeting boxship in Red Sea (Video),” Trade Winds, 21 March 2024, https://www.tradewindsnews.com/casualties/french-frigate-repels-houthi-missile-salvo-targeting-boxship-in-red-sea-video-/2-1-1616333.

[4] Xavier Vavasseur, “French Navy Air Defense FREMM Intercepts 3 Ballistic Missiles,” Naval News, 21 March 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/03/french-navy-air-defense-fremm-intercepts-3-ballistic-missiles/.

[5] MBDA, “ASTER 15 & 30,” https://www.mbda-systems.com/product/aster-15-30/.

[6] Rafael, “C-DOME FIRST COMBAT INTERCEPTION,” 11 April 2024, https://www.rafael.co.il/news/idf-announces-rafaels-c-dome-first-combat-interception-of-hostile-target-at-sea/.

[7] Rafael, “C-DOME,” https://www.rafael.co.il/system/c-dome-2/?utm_source=google&utm_medium=CPC&utm_term=C-Dome_gsn&gad_source=1.

[8] Thomas Newdick, “Israel’s Ship-Based Iron Dome Just Got Its First Combat Kill,” The War Zone, 9 April 2024, https://www.twz.com/land/israels-ship-based-iron-dome-just-got-its-first-combat-kill.

[9] Sam LaGrone, “SM-3 Ballistic Missile Interceptor Used for First Time in Combat, Officials Confirm,” USNI News, 15 April 2024, https://news.usni.org/2024/04/15/sm-3-ballistic-missile-interceptor-used-for-first-time-in-combat-officials-confirm.

[10] Missile Threat – CSIS Missile Defense Project, “Standard Missile-3 (SM-3),” March 9, 2023, https://missilethreat.csis.org/defsys/sm-3/.

[11] Geoff Ziezulewicz, “A Houthi missile got within a nautical mile of USS Gravely on Tuesday,” Navy Times, 1 February 2024,

https://www.navytimes.com/news/your-navy/2024/02/01/a-houthi-missile-got-within-a-nautical-mile-of-uss-gravely-on-tuesday/.

[12] General Dynamics, “NAVAL PLATFORM SYSTEMS Phalanx CIWS,” https://www.gd-ots.com/armaments/naval-platforms-system/phalanx/.

[13] Ministero della Difesa, “Difesa: nave Duilio abbatte drone nel Mar Rosso,” 2 March 2024, https://www.difesa.it/primopiano/difesa-nave-duilio-abbatte-drone-nel-mar-rosso/48363.html.

[14] Thomas Newdick, “Italian Destroyer Guns Down Houthi Drone With 76mm ‘Super Rapid’ Cannon,” The War Zone, 4 March 2024, https://www.twz.com/sea/italian-destroyer-guns-down-houthi-drone-with-76mm-super-rapid-cannon.

[15] Leonardo, “OTO 76/62 SR SUPER RAPID GUN MOUNT,” https://electronics.leonardo.com/documents/16277707/18404219/Cannone+OTO+76_62+SR.pdf?t=1671011143614.

[16] Xavier Vavasseur, “French Navy Helicopter Shoots Down Houthi drone in Red Sea,” Naval News, 20 March 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/03/french-navy-helicopter-shoots-down-houthi-drone-in-red-sea/.

[17] Martin Manaranche, “ French Navy counters UAV for the first time thanks to jamming solution,” Naval News, 6 December 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/12/french-navy-counters-uav-for-the-first-time-thanks-to-jamming-solution/.

[18] Institute for Higher National Defence Studies, “Admiral Vaujour: "The Navy must be resilient and retain operational superiority",” https://ihedn.fr/en/lundis-de-lihedn/amiral-vaujour-la-marine-doit-etre-resiliente-et-conserver-la-superiorite-operationnelle/.

[19] Xavier Vavasseur, “France is Fitting Paseo XLR EO/IR System on all its FREMM and Air Defense Destroyers,” Naval News, 12 March 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/03/france-is-fitting-paseo-xlr-eo-ir-system-on-all-its-fremm-and-air-defense-destroyers/.

[20] Ministère des Armées et des Anciens combattants, “LADA day : la FAN organise une journée dédiée à la lutte contre les drones aériens et de surface,” 30 June 2023, https://www.defense.gouv.fr/marine/actualites/lada-day-fan-organise-journee-dediee-lutte-contre-drones-aeriens-surfaceMinistère des Armées et des Anciens combattants, “Wildfire : exercice de lutte contre les drones,” 8 April 2024, https://www.defense.gouv.fr/marine/actualites/wildfire-exercice-lutte-contre-drones.

[21] Thomas McMahon, “Navy Demonstrates First At-sea Reloading of Vertical Launching System,” America’s Navy, 15 October 2024, https://www.navy.mil/Press-Office/News-Stories/Article/3935108/navy-demonstrates-first-at-sea-reloading-of-vertical-launching-system/.

[22] Richard Scott, “US Navy set to trial VLS reloading system at sea,” Naval News, 19 February 2024, https://www.navalnews.com/naval-news/2024/02/us-navy-set-to-trial-vls-reloading-system-at-sea/#prettyPhoto.

[23] America’s Navy, “SECNAV Del Toro Delivers Remarks at the Future Warfighting Symposium,” 8 August 2024, https://www.navy.mil/Press-Office/Speeches/display-speeches/Article/3865157/secnav-del-toro-delivers-remarks-at-the-future-warfighting-symposium/.

[24] Ministère des Armées et des Anciens combattants, “Mission Akila : première expérimentation d’un transfert de missile Aster à la mer,” 14 May 2024, https://www.defense.gouv.fr/marine/actualites/mission-akila-premiere-experimentation-dun-transfert-missile-aster-mer.

[25] Kai Greet, “French Navy Trials Ship to Ship Vertical Launch Missile Resupply,” The Aviationist, 27 June 2024, https://theaviationist.com/2024/06/27/french-navy-trials-ship-to-ship-vertical-launch-missile-resupply/.

[26] Nick Childs, “Navies and reloads: no silver bullet?,” International Institute for Strategic Studies, 23 October 2024, https://www.iiss.org/online-analysis/military-balance/2024/10/navies-and-reloads-no-silver-bullet/.

[27] Jacob Gronholt-Pedersen, “Danish frigate suffered weapon system failure in Red Sea combat, captain says,” Reuters, 4 April 2024, https://www.reuters.com/world/middle-east/danish-frigate-suffered-weapon-system-failure-red-sea-combat-captain-says-2024-04-04/

[28] Sebastian Sprenger, “Allies probe accidental targeting of US drone by German navy frigate,” Defense News, 29 February 2024, https://www.defensenews.com/global/europe/2024/02/29/allies-probe-accidental-targeting-of-us-drone-by-german-navy-frigate/.

[29] Jörg Stenzel and Michael Posey, “Analyzing the German Frigate Hessen’s Near-Miss of a U.S. Drone in the Red Sea,” Center for International Maritime Security, 7 May 2024, https://cimsec.org/analyzing-the-german-frigate-hessens-near-miss-of-a-u-s-drone-in-the-red-sea/.

[30] Sam LaGrone, “U.S. Super Hornet Shot Down Over Red Sea in Friendly Fire Incident; Aviators Safe,” USNI News, 21 December 2024, https://news.usni.org/2024/12/21/u-s-super-hornet-shot-down-over-red-sea-in-friendly-fire-incident-aviators-safe.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

أرسل منشورك

An error has occurred. This application may no longer respond until reloaded. Reload 🗙