منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بدأت الدول الغربية والآسيوية في البحث عن طرق نقل بديلة لممر سيبيريا، والذي يمر عبر الأراضي الروسية. ومشروع البنية التحتية للممر الأوسط، [1]الذي يمر عبر جورجيا وأذربيجان وكازاخستان وتركمانستان، هو طريق ملاحي بديل قابل للتنفيذ (المعروف أيضًا باسم الممر الشمالي[2])، ولكن جزءًا من تطويره، وهو إطلاق ميناء أناكليا في جورجيا، يخضع لتنافس جيوسياسي.
يضم البحر الأسود نحو 65 ميناءً موزعة بين رومانيا وبلغاريا ومولدوفا وتركيا وروسيا وأوكرانيا،[3] بالإضافة إلى أربعة موانئ في جورجيا. وفي هذا السياق، لا يُعد ميناء أنالكيا مجرد مشروع بنية تحتية ضخم، بل سيكون أكبر ميناء في جورجيا والميناء البحري العميق الوحيد في البلاد[4]، ما يمنحه القدرة على استقبال السفن الكبيرة[5] ومعالجة ما يصل إلى 100 مليون طن سنويًا[6] أو 600 ألف حاوية من البضائع المتنوعة، [7]بما في ذلك البضائع السائلة[8].
من المؤكد أن ميناء أنالكيا سيُعزز قدرة الممر الأوسط ليصبح بديلاً عمليًا لممر الشمال (ممر سيبيريا)،[9]غير أن موقعه الجغرافي — في أقصى شمال جورجيا، بمحاذاة إقليم أبخازيا المحتل من قبل روسيا — سيجعله محط أنظار العديد من القوى العالمية، من بينها الصين وروسيا وأوروبا والولايات المتحدة وتركيا.
تسلط هذه المقالة التحليلية الضوء على الكيفية التي قد يُحدث بها ميناء أنالكيا في جورجيا تحولًا في ميزان القوى بين الدول الكبرى، من خلال استعراض المكاسب والمخاطر التي قد تترتب لكل طرف. كما تناقش المقالة هذه الأسئلة ضمن إطار رؤية المفكر السياسي الأميركي زبيغنيو بريجنسكي، الذي شدد في كتاباته على الأهمية الاستراتيجية القصوى للسيطرة الإقليمية على منطقة أوراسيا.[10]
مفهوم ميناء أنالكيا وجدلية التشييد
يتمتع ميناء أنالكيا والمنطقة المحيطة به بتاريخ عريق يمتد إلى العصور القديمة، إذ يعود إلى المستوطنات اليونانية القديمة في غرب جورجيا. وقد كانت أنالكيا لفترة طويلة موطنًا نشطًا للصيادين، وفي إحدى الحقب التاريخية، أصبحت مركزًا لتصدير العبيد الجورجيين[11]. في القرن العشرين، تبنّى الاتحاد السوفيتي فكرة تطوير أنالكيا إلى ميناء عابر للحدود.[12] وفي سبعينيات القرن الماضي، أجرى عالم المحيطات السوفيتي زينكوفيتش تقييمًا رسميًا لجدوى المنطقة كميناء بحري عميق، ما مهّد الطريق لتصور المشروع الحالي.[13] أما في العصر الحديث، فقد أعاد الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي (2004–2013) إحياء فكرة تشييد الميناء، لكن المشروع تعرّض لانتكاسة كبيرة بسبب نزاع قانوني مع أحد المستثمرين، الأمر الذي أدى إلى تجميده[14]. في عام 2012، تولّى رجل الأعمال بيدزينا إيفانيشفيلي رئاسة الوزراء في جورجيا بصفته زعيمًا لحزب الحلم الجورجي، مما أعاد إلى الواجهة مجددًا فكرة إنشاء ميناء بحري عميق في أنالكيا. وفي 5 أغسطس 2014، أصدرت الحكومة دعوة أولية للمشاركة في المشروع، وتم إدراج ميناء أنالكيا بشكل واضح في مسودة الدستور الجورجي الجديد، حيث نصّت المادة 7.5 من الدستور على ما يلي: "يتم إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في أنالكيا، تخضع لنظام قانوني خاص ومتميز."[15]
في 3 أكتوبر 2016، وقّعت وزارة الاقتصاد بجورجيا عقد استثمار رسمي مع اتحاد تطوير أنالكيا (JSC Anaklia Development Consortium)، والذي ضمّ مجموعة كونتي الأميركية وشركة TBC Holding LLC الجورجية. وفي 24 ديسمبر 2017، حضر ممثلو الاتحاد، إلى جانب رئيس الوزراء آنذاك جورجي كفيريكاشفيلي، مراسم تدشين بدء أعمال تشييد الميناء.[16] إلا أن المشروع سرعان ما دخل في دوامة من الشكوك، حيث استقال كفيريكاشفيلي في 13 يونيو 2018 تحت ضغط الانتقادات المتصاعدة من الحزب الحاكم.[17] وبررت الحكومة التباطؤ في تنفيذ المشروع بـعدم قدرة الاتحاد على جذب مستثمرين دوليين كبار، الأمر الذي أدى إلى فجوة تمويلية أثارت تساؤلات جادة حول الجدوى الاقتصادية للميناء.[18]وفي تطور لافت، فتحت النيابة العامة الجورجية ملفًا قضائيًا ضد مؤسسي الاتحاد، ماموكا خازارادزه وبادري جاباريدزه، بتهمة غسل أموال يُزعم أنها تعود إلى عشر سنوات مضت.
في 9 يناير 2020، أعلن رئيس الوزراء الجورجي غيورغي غاخاريا رسميًا فسخ العقد مع اتحاد تطوير أنالكيا، مشيرًا إلى أن القرار جاء بسبب عدم التزام الاتحاد بتنفيذ التزاماته التعاقدية.[19] وفي جلسة تحكيم لاحقة أمام غرفة التجارة الدولية (ICC)، ثبت أن الحكومة الجورجية لم تنتهك حقوق الاتحاد.
أعادت الحكومة الجورجية في عام 2023 [20] إطلاق دعوة لإبداء الاهتمام (Call for Interest) بشأن مشروع ميناء أنالكيا البحري العميق وذكرت أن أولى سفن الحاويات من المتوقع أن ترسو في الميناء بحلول عام 2029.[21]
موقف القوى العالمية من ميناء أنالكيا
عبّرت الولايات المتحدة مرارًا عن دعمها القوي لمشروع ميناء أنالكيا. ففي عام 2019، وخلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء الجورجي آنذاك ماموكا باختادزه إلى واشنطن، أدلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بتصريح واضح بشأن أهمية المشروع،[22]
حيث قال: "إن تشييد ميناء أنالكيا سيعزز قدرة جورجيا على الانخراط مع الاقتصادات الحرة، وسيضمن ألا تقع تحت تأثير روسيا والصين، اللتين تُقدّمان نفسيهما كصديقتين لجورجيا، لكنهما لا تمثلان مصالح جورجيا الحقيقية."”[23]
في العاشر من سبتمبر عام 2020، أدلت السفارة الأمريكية بانتقاد مباشر لمشاركة شركة صينية في مناقصة تشييد الميناء، مشيرةً إلى أن نشاط الشركات الصينية في الدول النامية يرتبط باستخدام مواد بناء ذات جودة منخفضة، وانتهاك قوانين العمل، والتسبب في أضرار بيئية. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن الصين تمثل تهديدًا للأمن الوطني والسيادة لجورجيا، فضلاً عن تهديدها لأمن شركائها الأوروبيين والأطلسيين.[24] وأعربت لجنة هلسنكي الأمريكية، وهي وكالة حكومية مستقلة في الولايات المتحدة تهدف إلى تسهيل العلاقات مع أوروبا، مؤخرًا عن قلقها إزاء احتمال مشاركة شركة صينية في تطوير الميناء.[25]
شهدت العلاقات بين جورجيا وجمهورية الصين الشعبية تعمقًا مستمرًا خلال العقد الماضي،[26] ويُعد مشروع ميناء أنكليا واحدًا من المشاريع التي أبدت بكين اهتمامًا خاصًا بها. عندما أصدرت الحكومة الجورجية الدعوة الأولى للمشاركة في تشييد الميناء عام 2014، قدّمت شركتان صينيتان — وهما شركة هوبي هونغيوان لهندسة الطاقة المحدودة، وشركة الصين لهندسة الموانئ المحدودة[27] — عروضًا، لكن لم تتأهّل أي منهما إلى المرحلة النهائية.[28]
في عام 2018، اجتمع مسؤولون من حكومة جورجيا مع سفير جمهورية الصين الشعبية آنذاك لمناقشة الاستثمارات في ميناء أنكليا والمنطقة الصناعية الحرة المجاورة له.[29] وأعرب الطرفان عن ارتياحهما الكبير لاهتمام الشركات الصينية بالمشاركة في مشروع تطوير ميناء أنكليا.[30] وأعيد طرح المناقصة من جديد في عام 2024، حيث بلغتا شركتا “شركة الصين للاتصالات والبناء المحدودة” (CCCC) و”شركة تيرمينال إنفستمنت ليميتد هولدينغ إس. إيه.” (TIL) السويسرية — التابعة لإحدى أكبر شركات الشحن العابرة للقارات، مجموعة MSC — الجولة النهائية للمشروع. لم تقدّم شركة TIL السويسرية عرضها، لذا أعلن وزير الاقتصاد الجورجي، ليفان دافيتاشفيلي، فوز شركة CCCC بعقد المشروع. وبحسب شروط المناقصة الجديدة، ستظل دولة جورجيا المساهم الأكبر بحصة 51% من الأسهم، بينما سيمتلك المستثمر الخاص 49%، إلا أن العقد بين شركة CCCC والحكومة الجورجية لم يُوقع بعد. ومنذ ذلك الحين، لم تصدر الصين تصريحات علنية كثيرة حول المشروع، باستثناء بيان رسمي صدر في يونيو 2024 ردّت فيه على تصريحات السفير الأمريكي في جورجيا.[31]
تتأثر روسيا الاتحادية بوضوح من تشييد ميناء أناكليا. يُعدّ أحد أهم أهداف السياسة الخارجية والعسكرية لروسيا تحقيق الهيمنة على البحر الأسود،[32] ويُشكل ميناء أناكليا منافسة مباشرة لميناء نوفوروسيسك، مركز الشحن الروسي على البحر الأسود.
كما سيساهم ميناء أناكليا في تعزيز كفاءة الممر الأوسط، الذي ينافس الممر الشمالي بشكل مباشر، مما يؤثر على نفوذ روسيا في التجارة الأوراسية. على الرغم من هذه التهديدات لأهدافها، لم تتحدث موسكو كثيرًا علنًا عن ميناء أناكليا، إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين أدلى بتصريحات للصحفيين الجورجيين في براغ بعد ثلاثة أيام من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو، واصفًا إياها بـ«غير المقبولة». وقال كاراسين: «نحن مهتمون بجورجيا، باقتصادها وتنميتها في المجالات الاجتماعية والثقافية وغيرها». «يجب على جورجيا نفسها أن تقرر ما الذي تفعله بميناء أناكليا. ومع ذلك، فإن ما قيل عن روسيا والصين [فيما يتعلق بتأثيرهما في جورجيا] ليس على الإطلاق بأسلوب مناسب بالنسبة لنا.»[33]
تركيا قوة إقليمية وزعيمة على البحر الأسود، وتمتلك نفوذًا كبيرًا في منطقة أوراسيا، بما في ذلك القوقاز. لطالما كانت لدى تركيا طموحات طويلة الأمد للهيمنة على البحر الأسود، وتلعب دورًا حيويًا في الجغرافيا السياسية لمنطقة البحر الأسود.[34] لم تعلن الحكومة التركية موقفها الرسمي من ميناء أناكليا بعد، رغم أن الحكومة الجورجية قد طرحت عروضًا علنية للشركات التركية للمشاركة في تشييد الميناء. وأشار السفير الجورجي في تركيا إلى أن مشاركة الشركات التركية في هذا التكتل ستكون محل ترحيب نظرًا للعلاقات طويلة الأمد بين جورجيا وتركيا.[35]
معظم التحليلات لا تتطرق بشكل كاف إلى المصالح التركية في ميناء أناكليا. في الوقت الراهن، تُنقل البضائع القادمة من آسيا إلى أوروبا عبر تركيا باستخدام الممر الأوسط (Middle Corridor). ويمثّل ميناء أناكليا بديلاً محتملاً لهذا الطريق القائم الذي يمر عبر الأراضي التركية، وهو ما قد يُلحق ضرراً بالمصالح الاقتصادية لأنقرة. ومع ذلك، لم تُصدر الحكومة التركية أي بيان رسمي بشأن مشروع تشييد الميناء، وربما يعود ذلك إلى أن تنفيذه لا يزال بعيد المدى زمنيًا.
خاتمة
لا يزال مستقبل ميناء أناكليا غامضًا في هذه المرحلة، فعلى الرغم من أن الحكومة الجورجية أصدرت بيانًا في مايو 2024 بشأن المشروع، فإن العقد مع الشركة الصينية "تشاينا كومينيكيشنز كونستركشن كومباني" (CCCC) لم يتم توقيعه رسميًا بعد، ولم يُعلن عن الفائز الرسمي بالمناقصة الحكومية الخاصة بتشييد الميناء. وتلتزم الحكومة الصمت حيال هذا التأخير. ومع ذلك، وفي تطور لافت في سبتمبر 2024، وقّعت الحكومة الجورجية، تحت إشراف وزارة الاقتصاد،[36] عقدًا مع شركة "يان دي نول" البلجيكية المتخصصة، للبدء بأعمال تجريف البحر في المنطقة المخصصة للميناء.
في هذه الأثناء، انسحبت الحكومة الجورجية من مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 28 نوفمبر 2024. وقد أثار هذا القرار موجة من الاحتجاجات الشعبية الواسعة، تجاوزت 150 يومًا حتى الآن.[37] تتواصل التصريحات المتوترة بين الجانبين، حيث وجّهت الحكومة الجورجية انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي، ولعدد من حكومات الدول الأعضاء فيه، إضافة إلى الولايات المتحدة. وفي المقابل، أصبح معظم قادة الحكومة الجورجية عرضة لأشكال مختلفة من العقوبات الغربية.[38] ينظر الكونغرس الأميركي حاليًا في تشريع خاص من شأنه توسيع نطاق العقوبات المفروضة على جورجيا، وذلك ردًا على التحول الجيوسياسي الذي تنتهجه الحكومة الجورجية بعيدًا عن مسار الاندماج الأوروبي الأطلسي.[39] ويهدف هذا التشريع إلى مواجهة النفوذ المتزايد لكلٍّ من روسيا والصين داخل جورجيا. في هذا السياق، تكتسب مسألة منح عقد تشييد ميناء أنكاليا أهمية جيوسياسية متزايدة. فهل سيكون الميناء خاضعًا لنفوذ الصين، بما من شأنه أن يفاقم التوترات بين جورجيا والغرب، ويُعمّق حضور الصين في منطقة القوقاز بشكل كبير؟ أم أن التأخير في إضفاء الطابع الرسمي على العقد هو إشارة إلى أن الحكومة الجورجية تسعى إلى استخدام المشروع كورقة للمساومة الجيوسياسية؟
[1] For more information, please see https://rsdi.ae/en/publications/the-future-of-the-middle-corridor
[2] https://middlecorridor.com/en/about-the-association/history-en
[3] https://www.marineinsight.com/know-more/major-black-sea-ports/
[4] https://jamestown.org/program/georgias-anaklia-port-and-prc-infrastructure-strategy/
[5] https://www.marineinsight.com/ports/what-are-deep-water-ports/
[6]https://www.economy.ge/uploads/news/giorgi_kvirikashvili/2014/Presentation_of_the_Anaklia_New_Deep_Sea_Port_10.07.2014_1.pdf
[7] https://www.jandenul.com/our-projects/building-new-deep-water-port-anaklia-georgia
[8] https://www.transparency.ge/en/blog/who-anaklia-port-construction-permit-will-be-granted
[9] https://jamestown.org/program/georgias-anaklia-port-and-prc-infrastructure-strategy/
[10] Zbigniew Brzezinski, The Grand Chessboard: American Primacy and Its Geostrategic Imperatives, 1998.
[11] Abesalom Tugushi, History of Anaklya, 1991.
[12] https://www.cacianalyst.org/publications/analytical-articles/item/13609-geopolitics-doomed-georgias-anaklia-project-but-can-also-resurrect-it.html
[13] Zenkovich V.P. Fundamentals of the study of the development of the seashores. Publishing House of
the Academy Sciences of the USSR, Moscow, 1962, 710 p.
[14] https://georgianjournal.ge/business/28140-why-a-georgian-businessman-is-investing-600-million-in-armenia.html
[15] https://matsne.gov.ge/ka/document/view/30346?publication=36
[16] http://gtarchive.georgiatoday.ge/news/8629/Anaklia-Deep-Sea-Port-Construction-Officially-Launched-
[17]https://www.radiotavisupleba.ge/a/29288896.html
[18] https://for.ge/view/115258/anakliis-Rrmawylovani-portis-mSeneblobis-Taobaze-xelSekruleba-gaformda.html
[19] https://netgazeti.ge/life/641202/
[20]https://ppp.gov.ge/en/expression-of-interest-announced-for-the-construction-of-a-new-deep-sea-port-in-anaklia/?utm_source=chatgpt.com
[21] https://bm.ge/news/ra-etapzea-jan-de-nul-is-mier-anakliis-akvatoriis-daghrmaveba
[22] https://civil.ge/archives/308115
[23] https://jam-news.net/us-secretary-of-state-to-the-georgian-authorities/
[24] https://transparency.ge/en/post/anaklia-port-be-built-chinese-company-suspicious-reputation
[25] https://www.portseurope.com/u-s-commission-expresses-concern-over-chinese-control-of-anaklia-port/
[26] For more information, Anna Dolidze, New Move on the Chessboard
[27] https://www.gov.ge/files/381_43855_299651_1375050814.pdf
[28] https://www.transparency.ge/en/blog/who-anaklia-port-construction-permit-will-be-granted
[29] https://www.economy.ge/?page=news&nw=486&s=dimitri-qumsishvilis-gancxadebit-mnishvnelovania-chineli-investorebis-daintereseba-anakliis-portita-da-tavisufali-industriuli-zonit&lang=en
[30] https://www.economy.ge/?page=news&nw=486&s=dimitri-qumsishvilis-gancxadebit-mnishvnelovania-chineli-investorebis-daintereseba-anakliis-portita-da-tavisufali-industriuli-zonit
[31] https://civil.ge/archives/613634
[32] https://www.rusi.org/explore-our-research/publications/commentary/black-sea-significance-european-security
[33] https://www.interpressnews.ge/en/article/102534-grigory-karasin-georgia-should-decide-what-to-do-with-the-port-of-anaklia-but-what-we-heard-about-russia-and-china-is-not-the-tone-we-would-like-to-hear/
[34] https://www.fpri.org/article/2024/12/turkeys-evolving-geopolitical-strategy-in-the-black-sea/
[35] https://www.dailysabah.com/diplomacy/2019/05/25/georgian-ambassador-to-ankara-turkey-is-closest-friend-and-strategic-partner-of-georgia
[36] https://bm.ge/en/news/belgian-company-jan-de-nul-wins-tender-for-anaklia-port-construction
[37] https://civil.ge/archives/666987
[38] https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy2759; https://www.gov.uk/government/news/uk-sanctions-georgian-officials-responsible-for-allowing-brutal-police-violence
[39] https://www.congress.gov/bill/119th-congress/house-bill/36/text